Translate

الأربعاء، 20 مارس 2013

هل حانت عودة الخبرات الليبيّة المهاجرة؟


أعتقد بأنّنا هنا نتحدّث عن قضيّة وطنيّة ويجب التعامل معها وفق هذا الإعتبار.  عودة الخبرات الطبيّة المهاجرة مثلاً يجب أن تكون مبادرة من وزارة الصحّة، أو إعتماد لمبادرة من جهة أو مجموعة معيّنة من الخبرات الليبيّة المهاجرة من قبل نفس الوزارة. العمل بشكل فردي سوف لن يجدي نتيجة لوجود من لا يسرّه عودة الخبرات الليبيّة إنطلاقاً من بواعث فرديّة وآنانيّة صرفة. أعتقد بأن الحل المثالي يكمن في الدعوة لعقد مؤتمر هادئ ومتحضّر لجميع الخبرات الليبيّة المهاجرة أو المهجّرة لمناقشة الآليّة التي عن طريقها تبدأ عمليّات العودة بحيث تراعى كل الظروف المصاحبة للعودة.... فالعودة هي في واقع الأمر ليست عودة الخبير أو المستشار وإنّما نحن هنا نتحدّث عن أسرة وأطفال وتعليم وسكن وكذلك إجراءات إداريّة بخصوص التعيين والإعتبار. الفكرة من حيث المبدأ سليمة جدّاً لكن الكيفيّة والآليّة هو ما نحتاج للبحث فيه وبتعمّق.  أمّا بخصوص أين سوف يتم إستيعاب الخبرات الليبيّة والخوف من تكدّسهم في المدن الكبرى مثل طرابلس أو بنغازي فإنّ ذلك من وجهة نظري لا يمكن أن يكون من المعرقلات التي تؤخّر عودة المهاجرين، إذ يمكن بكل تأكيد تمديد عمل الخبير الليبي إلى مساحات تبعد لمسافة 100 كيلومتر دائري خارج مقر عمله وهذه الطريقة معتمدة هنا في بريطانيا بحيث يسافر المستشار أو الخبير لمناطق خارج مقر عمله مرة أو مرّتين في الإسبوع من خلال عيادة خارجيّة أو جولات إستشاريّة في مستشفيات المناطق الأخرى بطريقة منظّمة ومبرمجة بحيث لا يكون ذلك على حساب وقت الخبير أو المستشار.  وزارة الصحّة والمؤتمر الوطني ومجلس الوزراء يجب أن يضطلعوا بمثل هذه المهمّة الضخمة، لكنّنا نعرف أنّه نتيجة للظروف الحاليّة التي تعاني منها بلادنا في هذه الأيّام فلا يجب أن نحمّل الناس أكثر من قدراتهم. إن الذي يحدث في ليبيا الآن من فوضى ومحاولات من البعض لفرض أفكارهم وطرق تفكيرهم على كل البلد لا تشجّع المهاجرين للعودة إلى ليبيا وأنا بكل تأكيد واحد منهم. كنت أفكّر جديّاً في العودة إلى ليبيا والمساهمة في بناء الدولة، لكنّني وبعد الذي شاهدته خلال الأسابيع الماضية وبعد ذلك الإنطباع السيئ الذي تولّد في عقلى وتفكيري خلال زيارتي الآخيرة لليبيا دفعاني للتريّث والتسمّر حيث أنا... فأنا ليست لديّ مصلحة في تلك الفوضى التي تنتشر في كل مكان في ليبيا نتيجة لمحاولات البعض التسلّط على حريّة الناس من خلال عقليات وتفكير متحجّر. أنا شخصيّاً لا يسرّني أن أرى أنصار الوهابيّة المستوردة وهم يعملون ليل نهار بهدف أكيد وجدّي للسيطرة على مجريات الأمور في بلادنا وإعادتنا إلى أيّام التخلّف وتحكم الملتحين الذين يظنّون بأنّهم إنّما هم "يطبّقون شرع الله" ويتصرّفون بنظريّة "التفويض الإلهي". نحن نحلم بليبيا دولة عصريّة لها كيان سياسي وبها حكومة ولها أجهزة معتبرة مثل الشرطة والجيش والقضاء وبها صحافة وأجهزة إعلام حرّة بإمكانها أن تنتقد من تشاء وإذا أخطأت يتم تقديمها للقضاء بدل الإعتداء على مرافقها وحرماتها كما حدث لقناة العاصمة أخيراً. حين يتحضّر الوهابيّون وتجّار الدين ويعترفوا بقدسيّة الدولة وسيادتها، وحين يقتنع هؤلاء بالعمل تحت مظلّة أجهزة الحكم المتعارف عليها، وحين يكون رأي الشعب هو السلطة العليا في البلد... حينها سوف يتسارع المهارجون الليبيّون والليبيّات للعودة نحو الوطن والعمل جماعة من أجل دفع عجلة الحياة إلى الأمام. على الدولة في ليبيا أن تفرض سيطرتها وأن تفرض هيبتها وأن تتخلّى عن هذه السلبيّة والتردّد واللافعل إذا كنّا بالفعل نسعى للمضي قدماً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق