Translate

الأربعاء، 10 أبريل 2013

بعبع الشيعة والنعيق السلفي الوهابي


خرجت علينا أخيراً الكثير من الأصوات لعلّ أقواها لعلعة الشيخ الصادق الغرياني (ما يسمّى بمفتي الديار الليبيّة) وهي تخوّف من التبشير الشيعي في ليبيا وكأنّ الليبيّن هم مجموعة من الرعاع يأتي إليهم من أراد لينشر بينهم فكره أو إعتقاده فيعتدوه ويؤمنوا به بدون تفكير وبدون تدبّر. الوهابيّون في السعوديّة وبعض دول الخليج العربيّة هم من تحدّث كثيراً وحتى الإطناب عن "المد الشيعي" بعد أن جعلت لهم منه أمريكا بعبعاً مخيفاً. دول الخليج العربيّة كما يعرف الكثيرون هي عبارة عن محميّات تحكمها أسر أقل ما يقال عن أفرادها بأنّهم زمنيّون وما زالوا يحكمون بعقليّة البداوة.
أمريكا هي من خلقت "البعبع الشيعي" حتى تبيع السلاح لدول الخليج، وحتى تبعث بمستشاريها وجنودها ليقيموا على تراب تلك البلاد بثمن مدفوع من دول الخليج التي تخاف على أنظمتها أكثر من خوفها على دين الله. الشيعة هم إخوة لنا يدينون بدين الله ولهم مدارسهم وطرق تفكيرهم، وكذا هو الحال بالنسبة للسلفيّين والأباضيّين والمحمّديّة والمعتزلة وبقيّة البدع التي خلقها المسلمون عبر العصور بهدف تحقيق المصالح الشخصيّة.
الشيخ الصادق الغرياني هو من السلفيّة، والسلفيّون هم من الوهابيّين الذين يسيطرون على السعوديّة وبعض دول الخليج الأخرى مثل الكويت. التهويل من الشيعة أنا أعتبره نوعاً من بث الفرقة والشقة بين المسلمين وهو يخدم مصالح غيرنا وللأسف.
أنا أعرف عدداً من المنتمين للشيعة وهم قمّة في الأخلاق والحفاظ على الدين. الذين اعرفهم يذهبون معنا لنفس المسجد ويصلّون معنا وراء نفس الإمام السنّي بدون غضاضة وبدون تردّد. حدث وأن سألت أحدهم كيف هو يصلّي وراء السنّة فقال لي: إن الإسلام دين واحد والناس هم من فرّقه إلى شيع وأحزاب مما أحدث شرخاً بين المسلمين.
هؤلاء هم الشيعة الحقيقيّون وعلينا ألاّ ننجرف وراء تيّار السلفيّة الذي يكره البشر ويكره الإنسانيّة ولا يجيد غير التكفير والدعوة للتشبّث بالماضي الذي تجاوزه الزمن.
القرآن يعتبر صالحاً لكل زمان ومكان ومن ثمّ فعلينا أن نفهم ديننا ونفسّره بمعطيات زماننا ومعطيات مكاننا إن أردنا أن نفلح. علينا أن نتعامل مع البشر المحيطين بنا في هذا العالم الذي بالفعل أصبح بمثابة قرية سكنية تتداخل فيها المصالح ووتكامل فيها عوامل الرخاء لصالح البشريّة جمعاء. علينا كذلك أن ندرك بأن عدد سكّان العالم وصل إلى 7.2 مليار ساكن منهم 2.1 مليار مسلم فقط، ومن هنا فنحن نعتبر أقليّة في عالم فسيح نحتاج فيه إلى البشر من حولنا، كما هم يحتاجون إلينا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق