Translate

الجمعة، 31 مايو 2013

هل آن لنا أن نتخلّص من "الشوفينيّة" المفرطة ؟


سوف تشهد بريطانيا يوم الغد مظاهرات "بيضاء" ضد المهاجرين "السود" على أساس أن كل أبيض هو مسيحي، وكل أسود هو مسلم.

سبب المظاهرة كما نعرف هو إقدام إثنين من "المسلمين" بالإعتداء على جندي بريطاني وقتله بدم بارد وبطريقة مقزّزة ومقرفة ومثيرة للتقيئ والإشمئزاز. المشكلة أن كل الذي حدث تناقلته وسائل الإعلام مباشرة، وكان يقف في الطرف المواجه لجثة الجندي الملقاة على الأرض شخص يتقاطر دم الضحيّة من خنجره وسواطيره. كان المشهد مخزٍ بشكل لا يمكن وصفه، وكان يمس الدين الإسلامي في جوهره وفي روحه وفي أساسه.

تلك المشاهد تسرّبت إلى عقول وأفئدة الناس في كل مكان في العالم، وتلك الإنطباعات ترسّخت في مفاهيم وإنطباعات البشر من حولنا بشكل ربّما يصبح من المستحيل معه إزالة آثاره من الذكرة البشريّة لعقود آتية من الزمان.
بكل تأكيد، السؤال الذي يطرح نفسه في تفكير وعقل كل مسلم وكل مسلمة ممّن يعبدون الله بصدق ويخلصون في عبادتهم له مؤمنين بأن الدين الذي يتبعونه هو دين رحمة ومحبّة ودين تواصل وتعارف بين شعوب الأرض.. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}... السؤال الذي يطرح نفسه في مخيّلة الخيّرين: لماذا نتحمّل نحن تبعات مثل هذه الممارسات الحاقدة، وما ذنبنا نحن المسلمين حتى يشار إلينا بالبنان على أنّنا مهما أظهرنا الجانب الإنساني من ديننا فإن غيرنا وللأسف لم يعد بوسعه أن يصدّقنا حتى وإن كان من بين المعجبين بأخلاقنا والمتأثّرين بحسن سيرنا ؟.
ويعود السؤال ليطرح نفسه علينا ثانية وثالثة ورابعة... وإلى مالا نهاية: لماذا نحن نتحمّل وزر من أفسد في الأرض؟. ولماذا نطعن في إيماننا من قبل أتباع ديانتنا وبإسمها؟.
هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها ولم تكن معزولة عن غيرها، بل إنّها وللأسف تعتبر جزءاً من سلسلة من شبيهات لها تعوّدنا على رؤيتها منذ عام 2001 وحتّى يومنا هذا وهي تتكرّر بصور وبأشكال وبأيدي مختلفة لكنّها كلّها ومنذ ذلك التاريخ إستخدمت "الإسلام" كغطاء لها فكانت بذلك تسئ إلى الإسلام قبل إساءتها إلى كل مسلم من الألفين والمائة مليون مسلم ومسلمة في هذا العالم الذي نعيش فيه. 
السؤال الكبير الذي بصدق يبحث عن إجابة: ولماذا نحن المسلمون والمسلمات إلتزمنا الصمت على ما يجري بإسمنا؟. ولماذا ظلّت كل منابرنا الدينيّة وتجمّعاتنا الإقليميّة ومنظّماتنا الإسلاميّة صامته ولم تستنكر ما يجري بإسمها من إهانة للإسلام وتحقير للمسلمين؟. ألسنا نحن من يقول ويكرّر في كل يوم بأن "الساكت على الحق هو شيطان أخرس" وهي من مآثر الحسن بن علي النيسابوري الرائعة، فهل نحن بسكوتنا نقرّ بأنّنا شياطين خرساء؟.

علينا يا أيّها الإخوة والأخوات أن نخرج عن صمتنا وأن نقولها بكل قوة وبكل جلاء: إن الذي يحدث في عالمنا اليوم بإسم الإسلام نحن ضدّه ونحاربه ولا يمكننا أن نرضى به. إن الذي يحدث في عالم اليوم بإسم الإسلام إنّما هو نتاج ثقافة ممسوخة تعلّم لأبناء وبنات المسلمين في أغلب بلاد العالم الإسلاميّة وفي غيرها من دول العالم على أن رسائل الإسلام  تعني في كليّتها: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ }، وعلى أن رسالة الإسلام تقول: {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ }، وعلى أن روح الإسلام تعني: {وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، وهي تعني كذلك: {فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ}... هذا وللأسف ما يلقّن لأبنائنا وبناتنا من قبل شيوخ لم يروا من الإسلام غير القتل والتشريد والإنتقام.... أناس يردّدون بكل فخر: "بأكثر ما أنتم تحبّون الحياة نحن نحب الموت". هم يحبّون الموت وللأسف لأنّهم لم يعيشوا الحياة ولم يذوقوا طعم العيش المريح... فهم من يبحث عن المتاعب وهم من يبحث عن العناء، والباحث عن المشاكل في هذه الدنيا يجدها بدون الاحجة لإطالة البحث.

لقد حان الوقت لنا جميعاً كمسلمين بأن "نعترض" على مثل هذه الممارسات التي تتم بإسمنا، وبأن نرفضها فنحاول مع بقيّة العالم إيقاف أولئك المغالين والمتكلّسين عن الإستمرار في الإساءة إلينا وإلى ديننا بإسم ديننا. لقد حان لجميع تنظيماتنا الإسلاميّة، ومؤتمراتنا وملتقياتنا وتنظيماتنا الدينيّة أن تخرج عن صمتها وأن تعلنها أمام العالم أجمع صريحة وواضحة بأن جميع ما حدث ومنذ عام 2001 وحتى الآن من تفجيرات وقتل وتشريد في العالم من حولنا بإسم الله وبإسم الإسلام هو ليس له علاقة بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد، وبأن أولئك الذين بإسم الإسلام كانوا قد فعلوا ذلك إنّما هم عبارة عن أفراد مجرمين وخارجين عن القانون ولا علاقة للإسلام بهم. لماذا لا نستطيع أن نصدر بيانات قويّة تدين ما يحدث بإسم ديننا؟.

أعتقد وللأسف الشديد بأن بعضنا - وهم كثيرون - يؤمنون بأن مثل تلك الجرائم ليست بجرائم وإنّما هي "جهاد في سبيل الله" و"نصرة للإسلام" ولهذا لم يخرج رجال الدين عندنا ليستنكروا ما يقوم به المجانين منّا بإسم الإسلام للإساءة لبني البشر من غيرهم والذين لا يتبعون ملّتهم. ربّما أن أجدادنا كانوا "خير أمة أخرجت للناس" لكنّنا اليوم وللأسف لم نعد خير أمّة وعلينا أن نتخلّص من شوفينيّتنا المفرطة حتّى ربما نتمكّن من التعرّف على واقعنا المريض والمتخلّف والمضحوك عليه من بقيّة شعوب العالم. تلك هي الوسيلة الوحيدة التي بإستطاعتها إخراجنا من تخلّفنا الذي نعيش فيه ونصر على نكرانه واهمين أنفسنا بأنّنا "أحسن منهم" فحضارتهم ما هي إلاّ حضارة "زائفة" وتقدّمهم ما هو "سراب" مع أنّنا نحن وللأسف من يعيش على السراب وأمجاد الماضي التي صنعها غيرنا مع إصرارنا على الإنتماء لهم.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق