Translate

الخميس، 22 أغسطس 2013

جهاديون يحوّلون ”برقة” الليبية إلى ”إمارة”

عن صحيفة "الخبر" المصريّة

كشفت استقالة وزير الداخلية الليبي العقيد محمد الشيخ، أول أمس، بعد أقل من شهرين من توليه المنصب حجم الاضطراب السياسي الذي تعيشه ليبيا، فقد قامت مجموعة تطلق على نفسها اسم ”حركة شباب برقة” بإعلان المنطقة الشرقية إقليما فيدراليا يتمتع بالحكم الذاتي في إطار الدولة الليبية، وأكد بيان الجماعة أن الشريعة الإسلامية ”هي مصدر التشريع في الإقليم”، كما أكدت تعيين رئيس مؤقت للفيدرالية وتشكيل قوة دفاع لحماية الإقليم والحفاظ على أمنه. 
 مع أن الإعلان عن فيدرالية في إقليم برقة عاصمته بنغازي ليس بالأمر الجديد منذ الإطاحة بنظام العقيد القذافي، باعتبار أن الناشط السياسي والمعتقل السابق وعضو المجلس الوطني الانتقالي السابق، أحمد الزبير السنوسي سبق له إعلان انفصال المنطقة الشرقية دون التوفيق في تنفيذ ذلك بعد خروج مظاهرات رافضة للانفصال، إلا أن إعلان جماعة شباب برقة هذه المرة يختلف بالنظر للشخصيات التي تقف وراءه والتي تكاد تكون في مجملها قيادات لجماعات مسلحة أثبتت سيطرتها الميدانية على أرض الواقع، وفي مقدمتهم الصديق الغيثي، الوكيل المساعد السابق لوزير الدفاع الليبي المكلف بشؤون الحدود والمنشآت النفطية.

 الصديق الغيثي.. من سرايا المجاهدين إلى حماية المنشآت النفطية!

والعارفون للرجل في ليبيا يؤكدون أنه من النشطاء في التيار الإسلامي الجهادي منذ سنوات، حيث سبق له أن اختبر سجون النظام السابق، كما كان أحد المقربين من عبد الحكيم بلحاج، أحد قادة سرايا المجاهدين التابعة للجماعة الإسلامية المقاتلة، ليجد نفسه عقب الإطاحة بالقذافي في مقدمة القيادات العسكرية الحاكمة في البلاد لولا الخلافات مع القيادة الجديدة في البلاد بالنظر لما يعتبره تيار الإسلام السياسي في ليبيا محاولات ”علمنة الدولة”، وقد أدت هذه الخلافات إلى إقالة الصديق الغيثي من منصبه بعد اتهامه من طرف وزير الدفاع، محمد البرغثي، بمحاولة تدبير عملية اغتياله، على الرغم من نفي الغيثي للتهمة. ويأتي إعلان الغيثي تأسيس إقليم برقة وعاصمته بنغازي خلال اجتماع لجماعات مسلحة وتنظيمات سياسية داعمة للانفصال عن السلطة المركزية في طرابلس، إذ تلا الغيثي البيان الختامي للاجتماع والذي جاء فيه الاتفاق على ”تشكيل مكتب سياسي يتولى مهمة إدارة الإقليم والإشراف على مؤسساته ويعطي صلاحيات رئيس الإقليم، وأنه تم تفويض إبراهيم سعيد جذران بمهام رئاسة الإقليم”.
ومع أن بعض القبائل العربية في الإقليم الشرقي لليبيا أعلنت رفضها لإعلان الانفصال، في التأكيد على عدم مشاركتها في الاجتماع، إلا أن المتابعين للشأن الليبي يحذرون من إمكانية احتدام الصراع بين دعاة الفيدرالية والحكومة المركزية على خلفية النزاع على النفط الذي تجسد على أرض الواقع من خلال قيام جماعات مسلحة مساندة للنظام الفيدرالي بالسيطرة على عدد من المنشآت النفطية وميناء تصدير النفط، أكثر من ذلك قامت مجموعة مسلحة بإجراء اتصالات مع مؤسسات نفطية دولية بغرض الشروع في بيع النفط الليبي باسم الفيدرالية الجديدة، مثلما كشفت عنه إحدى الشركات الأجنبية التي أكدت تلقيها اتصالا من متحدثين باسم فيدرالية برقة بغرض بيع شحنات من ميناء السدرة النفطي برأس لانوف، باعتبار أن هذا الأخير بات تحت سيطرة الجماعات التابعة لمناصري إقليم برقة الفيدرالي.

حراس المنشآت النفطية صدّروا شحنة 700 ألف برميل 

وكان الاتحاد العام لعمال النفط والغاز الليبي أكد أن عناصر تابعة لحرس المنشآت النفطية بمنطقة الهلال تمكنت من تصدير شحنة لإحدى الشركات بدون وجه حق، على اعتبار أنها لا تملك الطابع القانوني الذي يسمح لها القيام بمثل هذه المعاملات، في تأكيد على أن حجم الشحنة بلغ 700 ألف برميل.
ومع أن رئيس الوزراء الليبي، علي زيدان، هدد بقصف ناقلات النفط والتدخل عسكريا في حال أقدمت الجماعات المسلحة على بيع النفط الليبي بشكل غير قانوني، إلا أن الأخبار الواردة من ليبيا تشير إلى تمكن هذه الجماعات الموالية للصديق الغيثي، الوكيل المساعد السابق لوزير الدفاع الليبي المكلف بشؤون الحدود والمنشآت النفطية من إحكام سيطرتهم على العديد من المنشآت النفطية، ما يضطر الحكومة الليبية لخوض مواجهة مسلحة لاستعادة هذه المنشآت، خاصة وأن الصديق الغيثي أعلن عن تشكيل قوة موحدة للدفاع عن الإقليم الفيدرالي، الأمر الذي يهدد بحرب أهلية في ليبيا للسيطرة على النفط.
يأتي هذا التهديد في الوقت الذي تعاني فيه ليبيا من انفلات أمني كبير في ظل عدم القدرة على تشكيل جيش وطني موحد قادر على بسط سيطرته على الأرض، بسبب الانتشار الكبير للجماعات المسلحة التي تدين بالولاء لقادتها كل على حسب انتمائه وتوجهه، خاصة على خلفية غياب الاستقرار السياسي الذي دفع اثنين من وزراء الداخلية الليبيين للاستقالة بعد فترة قصيرة من توليهم المنصب، فقد سبق أن قدم وزير الداخلية، عاشور شوايل استقالته لرئيس الوزراء علي زيدان قبل محمد الشيخ الذي أتهم زيدان بالتدخل في صلاحيته، وفي سياق الحديث عن الانفلات الأمني في ليبيا، ذكرت التقارير الإخبارية أمس مقتل القاضي الليبي المستقيل مفتاح الخفيفي في إطلاق نار من طرف جماعة مسلحة مجهولة في بنغازي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق