Translate

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

الفرق بيننا وبينهم هو "التحضّر"



قرّر الشعب السكوتلاندي البقاء في الإتحاد البريطاني، وصرّح السيّد "أليك سالموند" زعيم الدعوة للإستقلال عن المملكة المتحدة بأنّ الشعب السكوتلاني قرّر وبأنّه مع إختيار الشعب. إعتبر نتيجة الإنتخابات ملزمة، وأعلن بأنّه سوف يعمل مع الجميع في المملكة المتحدة لإسعاد كل البريطانيّين بدون إستثناء.
من المعلوم بأن 55% من السكوتلانديين صوّتوا للبقاء في المملكة المتحدة و45% منهم صوّتوا للإستقلال. كما تجدر الإشارة إلى أنّ 85% من كل الشعب السكوتلاندي المسموح لهم بالإقتراع شاركوا في هذه الإنتخابات الحاسمة، ونسبة الحضور هذه كانت أكبر نسبة حضور في تاريخ بريطانيا منذ عام 1951. كما تجدر الإشارة إلى أنّه ولأوّل مرة في تاريح المملكة المتحدة سمح للشباب من عمر 16 سنة فما فوق للمشاركة في صنع القرار، وهذا بكل تأكيد يعتبر إعترافاً من كل الناس هنا بأن المستقبل هو لهؤلاء الشباب ومن حقّهم المشاركة في صنعه.

جماعة الدعوة للإستقلال عملوا كل ما بوسعهم لإقناع السكوتلانديين بالتصويت للإستقلال لكنّهم بمجرّد إعلان النتائج قبلوها وأعلنوا بأنّهم مع إختيار الناس وسوف يكونوا عوناً لهم لتحقيق رغباتهم.
لم يخرج أحد منهم ليعلن بأن النتائج لا تعنيه، أو انّه كان هناك تزوير، أو أن وأن... لم يخرج زعيم الدعوة للإستقلال ليدعوا مليشياته لتخرج للشوارع وتستولي على مطار إدنبره أو تهاجم المباني الحكومية في عاصمة سكوتلانده، ولم تزحف المليشيات على أولئك الذين صوّتوا للبقاء في بريطانيا على إعتبار أنّهم "أزلام" أو متآمرين مع الإنجليز. 
اليوم أنا إقتنعت بأن الفرق بيننا وبينهم يكمن في كلمة واحدة وهي "التحضّر". دع الدين جانباً، ودع العادات والتقاليد، ودع الأصل والعرق، ودع الغناء والفقر، ودع التعليم والجهل... الفرق بيننا وبينهم هو في "معدّل التحضّر" وذلك يعني قبول الآخر، والرضاء برأي الأغلبية مهما كان إتجاهه ومهما كانت وجهته.
وأنا أنقل أطفالي للمدرسة هذا الصباح كانت خلفنا سيارة شرطة مسرعة بمنبّهاتها وأضوائها الإنذارية مما دفع جميع السائقين ومن الجانبين إلى الإنحراف السريع بعيداً عن وسط الطريق بهدف السماح لسيارة الشرطة بأن تعبر بسرعة كي تتمكّن من تأدية مهامها على وجه السرعة. كانت الطريق مزدحمة جداً فهذه هي فترة الذروة الصباحية، لكن الناس هنا بتحضّرهم وإرتفاع حسّهم الإنساني لم يفكّروا في أنفسهم وإنّما فكّروا في المهمّة التي تسرع سيارة الشرطة من أجلها وهم يعرفون بأن مهمة سيارة الشرطة هي إنقاذ حياة شخص ما في حالة الخطر.
وصلت بعدها إلى الأكاديمية فوجدت سيارة إسعاف وسيارات شرطة تحيط بالمكان حيث يبدو بأن أحد الطلبة أو الطالبات وقع وأصابه مكروه. كانت سيارة الشرطة مسرعة من أجل تسهيل عمل الفريق الصحّي بهدف إنقاذ المصاب أو المصابين. هنا قلت في نفسي.... إنّه التحضّر الذي نفتقده، وإنّه الحس الإنساني الذي يغيب عنّا، ولنتظاهر بالتديّن كما شئنا وإلى متى شئنا. الدين هو إحساس داخلي وقيم أخلاقيّة قبل أن يكون مظاهر وطقوس ولحي وسبح وأحجبة وأنقاب وتلفّظ بأسماء الجلالة امام الناس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق