Translate

الجمعة، 28 أغسطس 2015

إلى من يتباكون على "غرقى البحر"

 برغم كل المآسي التي يتعرّض لها المغرّر بهم من قبل المتطلفّلين على حياة البشر، وبغض النظر عن طبيعة وإنسانية ووحشية أولئك الذين يسترزقون من دماء البشر فتلك هي صناعتهم... فإنّني أقول ولنكن هنا صادقين مع أنفسنا ولنتحدّث بعقولنا وليس بعواطفنا: من الذي أحدث الفتنة في سوريا، ومن مازال إلى يومنا هذا يغذّيها؟. أنا لا أدافع عن نظام بشّار الأسد برغم معرفتي بأن "بشّار الأسد" على رأس ذلك النظام لم يفعل في سوريا 1% ممّا فعله الطاغية القذّافي في ليبيا. 
ألم تكن سوريا تنعم بالأمن والإستقرار والكثير من الرخاء في عهده؟. ألم يبدع السوريّون في العلم والفن والإقتصاد والبناء قبل خروج البعض على نظام بشّار الأسد؟. ألم تكن بدايات الثورة السوريّة عبارة عن تعبير شعبي، لكنّ الحقراء وتجّار الدين سرعان ما لوّثوها بإدخال آلة الحرب والدمار إليها فتم تدمير كل ما بناه السوريّون عبر مئات السنين؟. ألم تكن سوريا ساحة نزال وقتال وثأرات ومواقف متناقضة بين دعاة الإسلام وما هم بمسلمين؟. 
ألم يكن الأجدى بهؤلاء السوريين البقاء في بلدهم والدفاع عن نظام حكمهم بكل عيوبه فهو أكثر آماناً بالنسبة لهم من أولئك الطغاة الجدد الذين نعاني من أمثالهم في ليبيا اليوم؟. أليس الأجدى بجيران سوريا رفع أيديهم عنها وبعدها سوف يتصالح الشعب السوري مع حكومته وربّما يتوافقوا حول تغييرات في نظام الحكم تخدم مصالح كل السوريين والسوريات؟. 
لماذا يضطر السوريون لسلك كل هذه الدروب المتشعّبة والوعرة والممتلئة بالمخاوف والأهوال وذلك بهروبهم من سوريا متجهين إلى ليبيا ومن ليبيا إلى عوالم مجهولة يعرفون بأن الموت هو سيّدها؟. ألم يكن الأكثر آماناً بالنسبة للسوريين والسوريات "الأبرياء" بأن يذهبوا إلى دمشق ليعلنوا بأنّهم مع حكومة بلادهم وبأنّهم لا يباركون ولا يناصرون ولا يقفون مع القتلة والمشاغبين الذين يعبثون بكل شئ في سوريا من أجل خدمة مصالح ورغبات الحقراء من خارج حدود بلادهم؟.
لماذا لم تفلح السعوديّة وبقية دول الخليج في إستضافة هؤلاء الهاربين (المغرّر بهم) وإعالتهم وإحترام إنسانيّتهم إلى أن يتمكّن العقلاء منهم من الوصول إلى حل لمشكلة بلادهم؟. ألم يورّط السوريين جيرانهم وبعد أن ورطوهم تركوهم في العراء هكذا؟. 
لماذا لا نفكر معاً في البحث عن حل وسط للأزمة السورية وخاصّة أنّنا في ليبيا نعاني اليوم أكثر ممّا كنّا نعانيه في عهد الطاغية القذّافي؟. هل بربّكم يحلم السوريّون بنظام حكم أفضل من نظام بشّار الأسد برغم مساوئه؟. أجيبوهم من خلال تجربتنا في ليبيا، ولا تنسوا بأن الوضع في سوريا بعد نجاح "الثورة" إن هي نجحت على الإطلاق سوف يكون 1000 مرّة أسوأ منه في ليبيا نتيجة للعوامل المحيطة بسوريا والتي يعرفها السوريّون أنفسهم.
ماذا يتوقّع السوريّون لبلادهم بعد "إنتصارهم" على نظام بشّار الأسد؟. هل يظنّون بأنّهم سوف ينعموا بالأمن والسلام في وجود تلك الجماعات المتاجرة بالدين والمتلذّذة للقتل وسفك دماء الأبرياء؟. هل فكّر السوريّون في المصير الذي ينتظرهم بعد القضاء - إن هم قضوا - على نظام بشّار الأسد؛ وإذا فكّروا، هل قاموا بعمل حسابات لما سوف تكون عليه أحوالهم؟. هل بحث العقلاء في سوريا عن طرق أخرى تجنّبهم الأهوال التي يعاني منها الأبرياء من شعبهم اليوم في سوريا وتلك التي سوف تعاني منها سوريا - كل سوريا - بعد إنهاء نظام بشّار الأسد؟.
إستخدموا عقولكم يا أيّها الناس وأعملوا حساباتكم فسوف تكتشفوا بأنّكم على خطأ.... وربنا يهدي أصحاب العقول إلى ما هو أحسن وأفضل وأقل ضرراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق