Translate

السبت، 28 يوليو 2012

الحكومة المقبلة ومعضلة "الوزارات السياديّة"

يوم غد سوف يتم إعلان النتائج النهائيّة لإنتخابات المجلس الوطني بإذن الله، ولا يتوقّع بأن تكون هناك طعوناً ذات قيمة؛ حيث أجمع الليبيّون على أن إنتخابات 7-7 كانت نزيهة وجدّية وصادقة الأمر الذي إنعكس وبكل وضوح على نتائج تلك الإنتخابات حيث فاجأت الإنتخابات الليبيّة كل التوقّعات عربيّاً ودوليّاً مما يدل على أنّ الليبيّين والليبيّات قاموا بالفعل بإختيار ممثّليهم في المؤتمر الوطني بواعز من ضمائرهم وبمنطلق الحس الوطني الصادق.
على أية حال.. بعد إعلان النتائج النهائيّة سوف يتشكّل المجلس الوطني بشكله القانوني والإداري وسوف تتم عمليّات التسليم والإستلام بينه وبين المجلس الوطني الذي قاد المرحلة الماضية بما إستطاع، لكن علينا أن نعترف كليبيّين وليبيّات على أن مجلسنا الإنتقالي بكل نواقصه ومثالبه كان ناجحاً في إخراج ليبيا من عنق الزجاجة... ومن لم يتمكّن منكم بعد من تقدير مجهودات المجلس الإنتقالي عليه أن ينظر إلى الدول المشابهة مثل مصر واليمن وسوريا وقد تعتبر تونس إستثناء في هذاالإطار إلى حد ما.
سوف تتم عمليّات التسليم والإستلام والتي نتمنّى بأن تنجز بكل شفافيّة وبكل إحساس وطني بعيداً عن الأحلام والحسابات الفرديّة أو الفئويّة، وبعد ذلك تكون أوّل مهام المؤتمر الوطني تعيين رئيساً للحكومة والذي بدوره سوف يعيّن وزراء حكومته... وهنا يكمن لبّ هذا الموضوع.
في مصر الجارة الشرقيّة سيطر الإخوانيّون على مجرايات الأمور فيها وقام الدكتور محمد مرسي بتعيين الدكتور هشام قنديل ( يقال بأنّه إخواني متستّر) رئيساً للوزراء، ليقوم تالياً بتعيين أعضاء حكومته "بكل حريّة" !. تمكّن الدكتور قنديل فيما مضى من تعيين أعضاء "الوزارات الهامشيّة" لكنّه بدأ الآن يلامس حدود المنطقة الحرجة...ما يسمّى بالوزارات السياديّة. هنا يبدأ الصراع الحقيقي على السلطة في مصر، وهنا تبدأ الأحزاب والتنظيمات في مراجعة حساباتها، وهنا تقفز الولاءات الحزبيّة على السطح لتطغى على الولاء للوطن.
من هنا.... وبدءاً من الآن سوف نشهد سخونة الإتصالات السريّة وسياسة الدهاليز الخفيّة. كل يريد أن يضع يديه على "الوزارات السياديّة" {الماليّة، الدفاع، الداخليّة، والإعلام}.... لماذا؟.
لأنّنا كعرب ومسلمين وللأسف نتحدّث كثيراً عن الدين والتديّن والوطنية والمصالحة وحب الوطن والتضحية والفداء لكنّ أغلبنا في واقع الأمر يرون أنفسهم قبل أن يروا غيرهم، ويتذكّر أغلبنا مصالحه الشخصيّة قبل أن يتذكّر مصالح الوطن التي يجب أن تعني بالنسبة لنا هنا في ليبيا مصالح كل الليبيّين والليبيّات بدون إستثناء أو إيثار أو محاباة.
لماذا يحتدم الصراع على الوزارات السياديّة في العالم الذي نعيش فيه ولا يحتدم هناك في العالم المتقدّم الذي سبقنا بكثير وتجاوزنا بمراحل؟
الإجابة على مثل هكذا تساؤل توجد لدينا وعلينا النظر في داخلنا لإيجادها. نحن نعاني من أنانيّة مفرطة ويعيش كل منا لنفسه فقط، بل إن بعضنا لا تكتمل سعادته إلا بعد أن يرى جاره أو صديقه أو أخوه أحياناً يعيش تعيساً فيحسّ هو حينها فقط بالسعادة.

لماذا يحرص البعض على الوزارات السياديّة؟
عندما يصل الشخص عندنا للحكم فإنّه ينظر إلى السلطة على أنّها جاه وسلطان، وعلى أن المنصب هو وسيلة فقط للإثراء وتحقيق الخدمات له ولأفراد أسرته ولأقاربه. البلد ما زال يعيش وللأسف بعيداً عنّا، وما زلنا نرى مصالحنا الآنيّة قبل مصلحة الوطن، والقضيّة التي نتعامل معها هنا هي قضيّة "أخلاقيّة" محظة.
نحن نقول بأنّنا مسلمون، ونقوم بالصلاة والصوم والزكاة والحج لأكثر من مرة، ونذهب لأداء العمرة متى تيسّر لنا، ونقوم بالتسبيح وذكر الله مع كل حديث لكنّنا نتجاهل في حقيقة الأمر جوهر الإسلام. إن الدين الإسلامي يعني في المقام الأوّل العلاقة بينك وربّك فكلما صدقت تلك العلاقة كلّما كانت علاقتك بالآخرين جيدة. الإسلام يدعو إلى التآلف والتحاب والتعاطف والتعاون، كما أنه يدعونا إلى نصرة الملهوف وإعانة المحتاج. الإسلام يدعونا إلى نبذ حب التملّك وعدم الإفراط في حب الشهوات، كما أن دين الله يدعونا لأن نعيش كالجسم الواحد إن أصيب جزء منه بالسقم تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمّى... فهل نحن بالفعل تاملنا مع بعض كالكيان المترابط؟.
عندما يصل الفرد منا إلى السلطة فإنّه يفكّر في خدمة نفسه ثم أفراد أسرته ثم قبيلته ثم منطقته ولا يهتم بأبعد من ذلك إلاّ إذا وجد من يحاسبه. لو أن الحاكم أو الوزير في بلادنا يرى وظيفته من خلال ليبيا كبلد فإنّه لن يحفل حينها بوزارة سيادية أو غيرها، ولا يمكن حينها لأي ليبي بأن يعمل على أن يكون الوزير السيادي من منطقته. الرئيس أو رئيس الوزراء أو الوزراء أنفسهم يجب أن يعرفوا بأنهم معيّنون لإدارة مكتب يهتم بشئون كل الليبيّين بدون تفريق أو تمييز، وإذا شعر كل مسئول بذلك فإنّه حينها لن يهمّنا من أي منطقة يتم تعيين الوزير لوزارة مهما كانت (سياديّة أو خدميّة) فالذي يهمنا وقتها هو كفاءة ومقدرة الشخص المعيّن لإدارة وزارة ما بغض النظر عن المنطقة التي ينتمي إليها. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق