Translate

الخميس، 15 نوفمبر 2012

إكتشاف كوكب تائه


تمكّن العلماء (ليس علماء الدين بالطبع !) من إكتشاف كوكب تائه يهيم لوحده في الفضاء الفسيح على بعد 100 سنة ضوئيّة من الأرض. الكوكب التائه لا توجد له نجوم ترافقه ومن ثمّ يدخل هذا الكوكب حسب التوصيف العلمي وحتى الإجتماعي في عداد الكواكب اليتيمة التي ربّما تم طردها من مجرّاتها لأسباب لم يتمكّن العلماء بعد من معرفتها.
العلماء إعتبروا بأن الإكتشاف الغير متوقّع والمفاجئ فرصة لدراسة سطح هذا الكوكب الخارجي بدون وجود للتأثيرات الضوئيّة من نجوم مرافقه كثيراً ما تشوّش على نقاء الصور التي يتحصّلون عليها من بعد كما كان يحدث في دراسة الكواكب الأخرى التي ترافقها نجوم تحوم حولها.

وأنا هنا لا أريد أن أضيف شيئاً إلى هذا الخبر أكثر من قولي:
هذا العالم الذي يحيط بنا ملئ بالأسرار التي إنّما تعكس بعض من الإعجاز الإلهي ومدى ضخامة وعظمة عالم الرحمن.... قال الله تعالى في كتابه العزيز: { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ} وقال أيضاً: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا } صدق الله العظيم، وفي هذا العالم الفسيح اللامتناهي يوجد الكوكب الذي نعيش فوقه نحن البشر.... وكوكبنا هذا له الكثير من النجوم التي تحيط به.
يعيش على هذا الكوكب الكثير من البشر بمختلف الألوان والأوصاف والأعراق والثقافات والقدرات الذهنيّة والمعتقدات، وهؤلاء البشر هم من يكوّن النسيج الإجتماعي البشري الذي ينتشر على وجه هذه الأرض. يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} وفي هذا دعوة من الله لنا بأن نتعارف ونتعامل مع بعض، فعلينا كمسلمين أن نتواصل مع هؤلاء الناس فنصاحبهم ونتعامل معهم بدل أن نعاديهم ونتوجّس منهم بحجّة أنّهم "كفّار" أو "علمانيّون" أو "ملحدون" فما تفرّق الناس إلاّ بعد ما نزل عليهم الدين {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} وقوله: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}، وقوله: { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ }... بمعنى أن كل منّا يولد بدون دين وبدون لغة فيقوم أبواه بتعليمه اللغة (لغتهم) ويقومون بتعليمه الدين (دينهم) وحينها فقط يبدأ في التمييز بين الناس والتفريق بينهم على أساس المعتقد واللغة واللون والجنس أحياناً.
الدين في أساسه وجوهره لا يدعو للتفرقة بين الناس ولا لمقاتلة الغير لمجرّد أنّهم يؤمنون بديانات أو إعتقادات أخرى. قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ } ولم يقل "لتتخاصموا" أو "تتنافروا"، أو "يكفّر بعضكم بعضاً". 
الدين لم يفرّق بين الناس ولكن البعض من المتشدّدين في الدين هم من إتّخذ من الدين ذريعة للتفريق بين الناس، ومن ثمّ مناصبة العداء بعضهم لبعض بدون مبرّرات عقلانيّة.
لماذا لا نتعامل مع بعض كبشر ونترك الدين على أساس أنّه علاقة بين الإنسان وربّه فإن صلحت تلك العلاقة صلحت علاقة الإنسان بالإنسان... ولما نصنع من الدين ستاراً يفصل بيننا وبين بقيّة البشر بحجة أنّهم "كفّاراً" أو "ملحدين".
إن الكوارث الطبيعيّة حين تصيب الإنسان لا تميّز بين مسلم وغير مسلم، وبين مؤمن وغير مؤمن، وكذا هو المرض والفقر والموت بالطبع. ومن هنا فإنّني والله أعجب من بعض المسلمين الذين فرحوا حين عصف بأمريكا أخيراً إعصار "ساندي" وقال بعضهم شامتاً: إن هذا يعتبر غضباً من الله على أمريكا لأنّها سمحت بإنتاج فلم يسئ للرسول. ماذا نقول إذاً عن تلك الفيضانات التي إجتاحت بنغلاديش، وتسونامي إندونيسيا، وزلازل إيران، ومجاعات اليمن والصومال وغيرها من الكوارث الطبيعيّة التي أصابت المسلمين كما أصابت غيرهم من أتباع المعتقدات الأخرى؟. هل حان لنا بأن نصبح بشراً وكفى نحب غيرنا ونتعامل معهم على أسس الإحترام المتبادل والعطف والمحبّة والإخاء بغض النظر عن معتقداتهم ولغاتهم وأشكالهم وعرقيّاتهم؟. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق