Translate

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

الثورة الثانية في ليبيا



قد تكون وقفة الجمعة الماضية عفويّة وقد تكون صيحة في وجه الظلم وقد تكون تعبيراً عن الضجر والسأم وقد تكون زفرة من زفرات اليأس، لكن الذي نتج عن تلك المظاهرة كان أكبر من التوقّع وابعد من المبرمج.
خسرت ليبيا في هذه التظاهرة أكثر من 47 شهيداً وأكثر من 518 جريحاً بعضهم كانت إصاباتهم حرجة، وهذه الخسارة كبيرة على ليبيا لا بدّ وأن يكون مردودها أكبر وإلّا فإنّنا سوف نتنكّر لما شدونا به كثيراً: "دم الشهداء ما يمشيش هباء" كما سبق للكثير منّا وأن تنكّروا لمقطع من نشيدنا الوطني:
وخذي منّا وثيقات العهود........ إنّنا يا ليبيا لن نخذلك.

الذي حوّل الخسارة في الأرواح إلى نصر هو بالفعل دخول الجيش والشرطة إلى شوارع وميادين العاصمة وإستلامهم لزمام الأمن في طرابلس وهذا التحرّك الفوري والمبرمج والمنظّم كان بالفعل قد خفّف من وقع مشاهد مجزرة الجمعة الكئيبة في غرغور.
لقد تحرّك الجيش والشرطة في الزمان والمكان المناسبين، وكان تحرّكهما فيه الكثير من المهنيّة وفيه الكثير من المسئوليّة أيضاً ممّا ترك أثاراً إيجابيّة في الشارع الطرابلسي على وجه الخصوص والشارع الليبي عموماً.
يبدو لي من خلال متابعة الأحداث في ليبيا خلال الأيّام الثلاثة الماضية بأنّنا ربّما نشهد الآن قيام الثورة الثانية في ليبيا نأملها بأن تكون ثورة تصحيحيّة وثورة تأهيليّة وثورة ترميميّة بدل أن تكون ثورة بديلة، لكنّنا في أمسّ الحاجة إليها توقيتاً وتوضيباً بحيث شاهدنا تناغماً فريداً وقويّاً بين الشعب وعناصر مهمة من مؤسّسات دولته (الجيش والشرطة) قد تحتسب من أهم مؤسّسات الدولة على الإطلاق، فكل شئ آخر في غياب الجيش والشرطة هو يعتبر في حكم المشلول وعديم الفعاليّة لما للجيش والشرطة من قوّة ماديّة وقوة معنويّة في عيون وتفكير أبناء وبنات ليبيا الحبيبة.
أنا أريد أن أسمّي ما حدث يوم الجمعة الماضية ب"الثورة الثانية" في ليبيا وهذه الثورة سوف تفتح الطريق نحو بناء الدولة خاصة بعد إزالة أغلب الحطام الذي كان يتكدّس في دروب قوى التغيير التي تتشكّل من العقول الليبيّة الواعدة وجماهير الشعب الليبي التي لا تبخل بحبّة عرق واحدة في سبيل بناء هذه الدولة التي نحلم بها بلداً متمدّناً ومتحضّراً يعتمد على أسلحة العقل والتفكير والعلم والمعرفة والإرادة القويّة الثابتة والغير متردّدة.

سؤالي الوحيد في الوقت الراهن هو: هل تحمل هذه الثورة التصحيحيّة في ليبيا بين طيّاتها أخباراً أخرى سعيدة، وهل يحق لنا بأن ننتظر خبراً كبيراً ومهمّاً خلال اليومين القادمين؟. فلننتظر ونرى، وإذا تحقّقت رؤيتي فإنّني قد أجد نفسي مضطرّاً لتغيير مواقف معينة من السلب إلى الإيجاب تقديراً لأناس قد نكون ظلمناهم عن سوء فهم.... حمى الله بلادنا وبارك خطى الخيّرين منّا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق