خلق الله البشر بآحاسيس راقية ومشاعر نبيلة، وبذلك ميّزهم على بقيّة مخلوقاته. الإنسان هو إنسان مهما كان شكله أو حجمه أو جنسه أو الكيان الذي ينتمي إليه. الناس يولدون بلا دين وبلا لغة، والبيئة التي يعيشون فيها هي من تعلّمهم الدين وتعلّمهم اللغة، وبعد ذلك تعلّمهم القيم وطرق التعامل. نحن نولد بشرأ مثل بعضنا وما نختلف إلاّ بعد الإنتماء لجغرافيا أو الإنتماء لعرق أو الإنتماء لمعتقد(دين).
حينما دعت النرويج لمؤتمر دولي لتعمير غزّة لم ترد دول العالم على النرويج بأن سكّان غزّة هم من المسلمين وبذلك فنحن لن نساعدهم لأن دينهم يختلف عن ديننا أو معتقدهم يختلف عن معتقدنا، بل تسارعت دول العالم والدول المسيحيّة على وجه الخصوص - بإعتبار أنّها مرفّهة وبوسعها المساعدة - لحضور هذا الملتقى وأبدت رغبتها في التبرّع بالملايين لإعادة بناء وتعمير غزّة.
أليس في هذا من رسالة بالنسبة للمتشدّدين الإسلاميّين عليهم فهمها وتداركها، وأليس في هذه الرسالة ما يكفي من الدلالة بالنسبة لهم بأن سكان العالم المحيط بنا هم ليسوا أعداء لنا ولا هم من الحاقدين علينا أو على ديننا، وإنّما هم بشر مثلنا ويتعاملوا معنا كبشر بغض النظر عن الدين الذي نؤمن به أو المكان الذي نقيم فيه؟.
هل نفتح عيوننا على العالم المحيط بنا ونعيد النظر في مواقفنا "النمطيّة" الكارهة لغيرنا والمتوجّسة من الغير مسلمين على إعتبار أنّهم من "الكفّار"؟.
علينا إخوتي وأخواتي بأن نمد إيدينا لغيرنا وأن نتعامل معهم بكل إحترام وتقدير إذا كنّا ننتظر منهم مثل ذلك، وعلينا بأن ندخل بعقولنا وقلوبنا هذا العصر الذي نعيش فيه ونترك السلف الصالح لحالهم، فهم عاشوا بمعطيات وأبجديات ومعارف تختلف عن تلك التي تتوفّر لنا وتفرض نفسها علينا من خلال طبيعة الأشياء ومشيئة الله... وليس بالغصب أو الإجبار أو الإكراه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق