Translate

الأحد، 5 أكتوبر 2014

أخبرونا...بأية هيئة سوف تحكمونا؟

بعد أن تمكّنت مليشيات القسورة من بسط سيطرتها على طرابلس وما حولها، ثم ورشفّانة ويقال بأنّ هذه المليشيات تستعد الآن للهجوم على الرجبان ثم الزنتان بهدف السيطرة الكاملة على المنطقة الغربيّة.... وماذا بعد ذلك؟.
مليشيات القسورة وراءها بكل تأكيد من يحرّكها ويخطط لها، والذين فكّروا في القسورة أو ما يسمّى ب"فجر ليبيا" لم يكن هدفهم السيطرة على المطار أو طرابلس أو المناطق الغربية لمجرّد السيطرة... هؤلاء الناس بكل تأكيد ينوون الإستحواذ على الحكم في ليبيا إلى مالا نهاية.
الذين يقفون وراء "فجر ليبيا" هم الإخوان المسلمون، والجماعة الليبيّة المقاتلة، والجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وكتلة الوفاء للشهداء، وجماعة أنصار الشريعة في شرق البلاد، وبقيّة الجماعات الدينية المتشدّدة والتي كثيراً منهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة. هذه التنظيمات الدينيّة في معظمها لا تلاقي قبولاً شعبيّاً في ليبيا، ولا تستطيع من حيث الأساس بناء دولة لعدة أسباب من بينها عدم تجانس هذه المجموعات وعدم إنسجامها فيما بينها أو إتفاقها في في طريقة التفكير. تنظيم الإخوان المسلمون بكل تأكيد لا ينسجم مع الجماعات الدينيّة المتشدّدة وخاصّة أنصار الشريعة وبقايا تنظيم القاعدة. بقايا الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا بكل تأكيد لا ينسجمون مع الإخوان ولا مع أنصار الشريعة ولا مع كتلة الوفاء للشهداء التي يغلب عليها الطابع القاعدي\الداعشي في التفكير. بقايا الجماعة الليبيّة المقاتلة هم بدورهم لا ينسجمون فيما بينهم فما بالك بهم ينسجمون مع البقيّة.
إذاً نحن هنا أمام جماعات مختلفة في كل شئ ولا يجمع بينهم الآن أي شئ سواء حب السلطة ورغبة التسلّط لفرض طريقة تفكير كل منهم على الليبيّين والليبيّات. 
هناك عامل آخر يجمع بينهم ويجب عدم تجاهله وهو فشلهم الذريع في الإنتخابات السابقة، سواء كان ذلك في إنتخابات يوليو 2012م ، أو إنتخابات يوليو 2014م وكذلك فشلهم الذريع في الحصول على أي تأييد يذكر في إنتخابات اللجنة التأسيسيّة للدستور في فبراير 2014م؛ ومن هنا تعتبر كل هذه التنظيمات منبوذة من قبل الناخب الليبي وبذا فهي تفتقر إلى العمق الشعبي لها ولا تحظى بقبول الليبيّين والليبيّات بسبب عدم وضوح الرؤية بالنسبة لأهدافها ونواياها وطريقة تفكير قادتها.
بهذا وغيره يمكن القول بأن الجماعات والتنظيمات التي تقف وراء من يسمّون بالثوّار - وما هم بثوّار على الإطلاق - والتي جنّدت الكثير من الشباب المراهق وذلك بدفع أموال كبيرة لهم كمرتبات أو عطايا أخرى... بأن هذه الجماعات كانت قد إلتقت كلّها حول هدف واحد وهو إفتكاك السلطة بقوّة السلاح بهدف حكم ليبيا.
مليشيات عمليّة "فجر ليبيا" أو كما تعرف عند المتشددين الإسلاميّين بعمليّة "القسورة" كان أمامها هدفاً واحد عندما تحرّكت من مدينة مصراته يوم 14 يوليو 2014 وهذا الهدف هو الإستيلاء  على السلطة في المناطق الغربيّة وبأي ثمن ومهما كانت المعطيات حيث يعرف قادتها بأنّها الفرصة الأخيرة بالنسبة لهم خاصّة بعد أن تشكّل مجلس النوّاب من الأعضاء المنتخبين وتشكّلت لجنة الدستور من أعضائها المنتخبين وبدأت تلك الكيانات السياسية تعمل بدون وجود تمثيل يذكر لهذه الكيانات، ومن ثم كان الإصرار الكبير على إفتكاك السلطة وبأية وسيلة كانت تعويضاً للفشل في الإنتخابات.
تم قفل وسائل الإعلام المناوئة لعملية "فجر ليبيا" وذلك بالهجوم على مقرّاتها والتنكيل بالعاملين بها أو تهجيرهم إلى خارج البلاد، وتم بعد ذلك منع أية مظاهرات مؤيّدة لمجلس النواب أو الجيش الليبي أو الشرطة، وإعتبار كل من يؤيّد تلك الجهات من المعادين لعملية "فجر ليبيا" ويجب دحرهم أو الإنتقام منهم.
قام قادة وأتباع فجر ليبيا بالسيطرة الكليّة على كل شئ في العاصمة وما جاورها، ومنعوا كل صوت معارض أو منتقد لعمليتهم وبذلك فرضوا "الولاء" على كل سكّان العاصمة، وتمكّنوا من إغراء الكثير من المتعلّمين وحملة الشهائد من اللييّين والليبيّات للوقوف معهم وتأييدهم. وبالفعل نجحوا في ذلك نجاحاً كبيراً، فالمال في ليبيا يمكنه شراء الذمم وتجييش المؤيّدين وهو نفس السلاح الذي كان يستخدمه الطاغية القذّافي بعد سلاح العنف والبطش وهدم المنازل والإغتصاب والإختطاف وما إليها من الممارسات التي مارستها مليشيات عملية "فجر ليبيا" بعد إستيلائها على مطار العاصمة ودخولها طرابلس وضواحيها. عمليّة "فجر ليبيا" بدأت الآن تستقطب أبناء وبنات الشعب الليبي من خلال عمليات "العقاب والجزاء" أو "العصاء والجزرة" حيث تم توفير الوقود والغاز والكهرباء للعاصمة بعد آسابيع من الحرمان المتعمّد والهدف هو "شراء الذمم"، وهو بكل تأكيد نفس الأسلوب الذي كان ينتهجه الطاغية معمّر القذّافي طيلة الأربعة عقود من حكمه الديكتاتوري في ليبيا للحفاظ على تدجين الناس ومنعهم من الثورة عليه.
من هنا يمكننا القول بأن من يقف وراء عملية "فجر ليبيا" لا يؤمنون بالديموقراطية فهي لم تحقق لهم ما كانوا يطمحون إليه، وكذلك فهم لا يؤمنون بحرية التعبير لأن الرأي العام في ليبيا هو كلّه ضدّ طريقة تفكيرهم والجهات التي تدعمهم وتناصرهم مثل قطر وتركيا والتنظيم العالمي للإخوان المسلمون.
كيف يمكن أن يحكم هؤلاء ليبيا؟. هذا سؤال بكل تأكيد يحتاج إلى إجابة من أولئك الذين يدعمون ما يمارس الآن بإسم بقايا المؤتمر الوطني المنتهية صلاحيّته، وتلك الحكومة التي تنفّذ قراراته الباطلة أصلاً وهي حكومة السيّد الحاسي أو ما يسمّى ب"حكومة الإنقاذ".
الشعب الليبي هو أيضاً في حاجة لأن يجيب على مثل هذا التساؤل، ففي نهاية المطاف إن تلك الجماعات هي من سوف تمارس سلطتها على أبناء وبنات هذا لشعب بقوّة القهر والإذلال كما كان يفعل الطاغية القذّافي تماماً.... فهل نستيقظ الآن قبل أن تتكرّر علينا مشاهد العهد الديكتاتوري الذي ثرنا عليه وأنهيناه؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق