Translate

الاثنين، 31 أغسطس 2015

الذكرى ال 46 لإعلان الجمهوريّة وإلغاء الملكيّة في ليبيا

 يصادف اليوم الأوّل من سبتمبر 2015 الذكرى ال 46 للقضاء على الحكم الملكي المترهّل وإعلان الجمهوريّة في ليبيا، وبذلك فقد إنضمّت ليبيا إلى العديد من دول العالم التي نبذت الملكيّة وسعت للتغيير، والتي بلغ عددها الآن 27 دولة من بين 53 نظام ملكي لم يبقى منه سوى 26 نظاماً مازال يتسلّط على إرادة الشعوب ويحكمها إمّا مباشرة وبكل طغيان كما يحدث في السعوديّة والكويت أو بطريقة ملتوية من خلال ما يسمّى بالأنظمة الدستورية كما يحدث في بقية الممالك في العالم.
نلاحظ من الأرقام المذكورة أعلاه بأنّ أكثر من نصف الأنظمة المتسلّطة على الشعوب (ملكية أمبراطورية، أميرية، سلطانيّة، قبليّة) تمكّنت شعوبها من الثورة عليها وتغييرها بما يتواءم مع العصر، وبأن الأنظمة المتبقية سوف يشملها التغيير كلّها برغم من كل المحاولات البائسة واليائسة التي تقوم بها تلك الأسر التي تظن بأنّها أعلى من شعوبها للبقاء في السيطرة والتسلّط وإمتصاص خيرات شعوبها من خلال التسلّط والتطفّل والمراوغة والكذب على المغفّلين.
أنا لا يهمّني الطاغية معمّر القذّافي في شئ، ولا أبكي على سقوط نظام حكمه أو أرغب في العودة إليه؛ فذلك الرجل هو بدوره تطفّل على الشعب وإستغلّ ثقة الشعب به فتحوّل إلى إنسان أناني مريض عبث بكل شئ، ولكن الذي أريد قوله هو أن ثورة 1969 تمكّنت بالفعل من تخليصنا من نظام ملكي متعفّن جثم على صدورنا لأكثر من 17 سنة، ولولا ثورة الجيش الليبي عليه لبقى يحكمنا بالوراثة والجهل والتخلّف حتى اليوم.
وأريد هنا أن أشير إلى أن ممارسات الطاغية معمّر القذّافي وإستئثاره بثورة الجيش الليبي وتحويلها إلى ملك شخصي يجب ألّا تنسينا تلك النوايا الحسنة التي كانت عند ضبّاط الجيش الليبي حينما قاموا مشكورين بتغيير نظام حكم كان فاسداً ومترهّلاً بكل المعايير والحسابات، وكان مرتهناً بالكامل للقوى الأجنبية التي كانت تحميه ضد شعبه. إن الضبّاط الصغار الذين قاموا بنغيير النظام الملكي في ليبيا وإعلان الجمهورية في عام 1969 كانوا كلّهم من أبناء الشعب الليبي ومن كل مناطق ليبيا، وكان همّهم الوحيد حينها النهوض بليبيا وتغيير أحوال الناس التي كانت يائسة وبائسة وخائفة ومرتعبة من قوّة الملك البوليسيّة المتحرّكة التي كانت تحمي له عرشه من ثورة الشعب عليه.
أود هنا أيضاً أن أذكّر الليبيّين والليبيّات بأن ثورة 1969 كان قد قام بها ضبّاط صغار من أبناء الشعب الليبي البسطاء وسرعان ما تلقّفها الشعب ووقف معها فأيّدتها جموع الشعب الليبي بدون تحفّظ، حيث خرجت جماهير الشعب في مجاميعها إلى الشوارع والميادين وهي تبتهج بتلك الثورة وذلك التغيير حتى قبل معرفتهم عمّن كان يقودها؛ أمّا ثورة 17 فبراير 2011 فقد كانت ثورة شعبية بإمتياز، لكن الحقراء سرعان ما وضعوا أيديهم عليها فتملّكوها وفرضوا سلطتهم على الناس بقوّة الحديد والنار.
ثورة 1 سبتمبر 1969 (العسكريّة) قام بها ضبّاط من عموم الشعب الليبي وإستحوذ عليها لاحقاً واحد حقير من بينهم، لكنّها في واقع الأمر تمكّنت من يومها الأوّل من فرض النظام والقانون في الدولة الليبية، ولم تؤدّي إلى الفوضى التي نشهدها الآن. لعلّ أهم ما يميّز تلك الثورة هو نظافتها وبياضها، فلم تسفك فيها الدماء ولم يقتل فيها أبناء وبنات الشعب الليبي. بالمقارنة فإن ثورة 17 فبراير (الشعبيّة) كان قد قام بها الشعب الليبي بدون أدنى شك، وكانت ثورة من أجل الحريّة بكل تأكيد، لكنّ الحقراء (وليس حقيراً واحداً) قفزوا عليها وتملّكوها لأنفسهم مع أنّهم لم يشاركوا في التخطيط لها ولا كان أي منهم حاضراً في ليبيا حينما إشتعلت شرارتها الأولى. ثورة 17 فبراير 2011 حوّلها القذّافي في البداية إلى دموية، لكنّ كمّيات الدماء التي سفكت فيما - بعد نجاح الثورة وإعلان التحرير - وعدد البشر الذين قتلوا من حينها وإلى يومنا هذا بلغت أضعاف ما قتل في بداية هذه الثورة. 
ثورة 1 سبتمبر 1969 (العسكريّة) لم يزد عدد كل قتلاها أثناء قيامها عن 100 شخص، ولم تدمّر فيها بنى تحتية على الإطلاق، ولم تصاحبها الفوضى والإستهتار بحقوق وأمن المواطن، بل كانت مهتمّة بشكل كبير بالحفاظ على راحة المواطن وتوفير كل ضروريات الحياة له. تم إلعاء قانون الطوارئ وحظر التجّول في أفل من إسبوع رأفة بالمواطن وحرصاً على راحته، وبذلك أحبّها المواطن وأيّدها بدون تحفّظ كل الشعب الليبي... فحوّلها بالفعل إى ثورة شعبيّة. بينما ثورة 17 فبراير 2011 بعد أن إستولى عليها الحقراء، بدأت تقتل الليبيّين والليبيّات، وأخذت تدمّر بنية البلاد التحتيّة، وأشعلت الفوضى في كل مكان، وقسّمت الشعب الليبي إلى فصائل متناحرة ومتنافرة ومتعادية، وأدخلت ليبيا في فساد لم تشهده منذ تأسيسها كدولة.
ثورة 1 سبتمبر العسكريّة والتي أيّدها الشعب نجحت في تأسيس دولة - ولا حاجة هنا للتذكير بما فعله الطاغية القذّافي فذلك يعود إليه كطاغية ولا يعود للثورة التي قام بها ضبّاط الجيش الليبي - إحترمها كل العالم، بينما ثورة 17 فبراير الشعبيّة - والتي أفتكّت من الشعب بفعل الحقراء - دمّرت الدولة، وسرقتها، وحوّلتها إلى مضحكة أمام العالم.
إن أفعال معمّر القذّافي الدنيئة والحقيرة وعبثه بحقوق المواطن وكل تصرّفاته الغبيّة لا يجوز إطلاقاً أن تلغي العمل الجليل الذي قام به ضبّاط صغار ينتمون شرعيّاً وقانونيّا إلى الجيش الليبي وينتمون إجتماعيّاً إلى الشعب الليبي في كل أرجاء ليبيا، وأنت تحوّل تضحياتهم إلى عدم بمجرّد أن حقيراً من بينهم قرّر الإستحواذ بالسلطة لنفسه وتقسيمها على أبنائه من بعد ذلك. في المقابل، إن إستحواذ الطغاة على ثورة 17 فبراير 2011 لا يلغي كونها ثورة شعبيّة جليلة سعت من أجل تخليص ليبيا من فكوك الطاغية؛ وبذلك فهي سوف تبقى ثورة الشعب الليبي من أجل الحريّة وتأسيس دولة عصريّة.
من هنا فأنا أدعو كل الليبيّين والليبيّات إعتبار ثورة الجيش الليبي في 1 سبتمبر 1969 على أنّها ثورة وطنيّة خلّصت ليبيا من حكم الوراثة وحوّلتها إلى جمهوريّة كانت ملكاً لكل الليبيّين في بداياتها والإحتفال بها كذكرى وطنيّة في كل عام، كما أدعوا كل الليبيّين والليبيّات إعتبار ثورة 17 فبراير 2011 بأنّها ثورة الشعب الليبي على الطغيان ويجب الإحتفال بها في كل سنة كذكرى عزيزة بغض النظر عن الحالة التي نتجت عنها والأوضاع التعيسة التي ألمّت بنا بسبب إستيلاء الطغاة الجدد عليها؛ وسوف أكتب مقالاً شاملاً عن الأنظمة الملكيّة منذ أوّل ظهورها في التاريخ الإنساني وحتى يومنا هذا بإذن الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق