أن ما يحدث في بلادنا الإسلاميّة الآن هو كوارث بكل المفاهيم وبكل التعريفات، وأعتقد بأنّ السؤال لم يعد كما كان: هل ما يجري في بلادنا العربيّة والإسلاميّة خطأ أم لا، وإنّما السؤال الجرئ والذي يتوجّب علينا طرحه - كل المسلمين والمسلمات بدون إسثناء - أين هو الخطأ؟.
لابدّ يا سادتي لنا من أن نخرج من الجدل العقيم بشأن إحتماليّة الخطأ من عدمه في عالمنا العربي والإسلامي إلى الإعتراف بالواقع والإقتناع بما يجري في بلادنا بأنّه "يقيناً" خطأ. الذي يجري في بلادنا العربية والإسلامية هو "خطأ" ولا داعي لإنكار الحقائق على الأرض.
السؤال الذي يلي تلك القناعة - والتي يجب أن تصبح قناعة - هو: أين يكمن السبب فيما نعاني منه نحن المسلمون من آلام وأحزان ومآسي؟. ما هو سبب مشاكلنا، وما هي مبرّرات عجزنا وفشلنا، لماذا نحن متخلّفين عن غيرنا من شعوب الأرض؟.
السبب فيما نعاني منه لابدّ وأن يكون "الإسلام" وهو الدين الذي ندين به، أو نحن المسلمون الذين نفسّر هذا الدين التفسيرات الخاطئة. لابد من الإجابة على هذا السؤال الملحّ.... هل الخطأ في ديننا أم فينا نحن؟.
إذا فلنا إن الخطأ هو في الدين الذي نؤمن به فلنتركه لغيره أو نتخلّى عنه حتى نلحق بمن تجاوزونا، وإذا قلنا بأن الدين هو من عند الله والله لا يخطئ، فعلينا أن نقتنع حينها بأن تفسيرنا لهذا الدين هو خطأ.... خطأ..... خطأ.
لابدّ يا سادتي من مواجهة الحقيقة ولابدّ من إخراج رؤوسنا من الرمال، فأوضاعنا هي محرجة ومؤلمة ومخجلة. لابدّ لنا من مواجهة الحقيقة، ولابدّ لنا من معايشة الواقع، ولا خيار لنا غير أن نخرج من عالم المثاليات والعوالم الإفتراضيّة التي يرسمها لنا رجال الدين عندنا، فهم بكل صراحة لا يعرفون ولا يفقهون ولا يدرون. إنّهم مخدّرون بأفكارهم ومغشوشون بطريقة تفكيرهم وواهمون بعوالمهم التي يحاولوا إقناعنا بها. لقد آن لنا أن نثور عليهم ونستلم زمام أمورنا بأيدينا، فعالم اليوم يلغي أية حاجة لنا إليهم.
"الكفرة" برهنوا على أنّهم أكثر إنسانيّة منّا
-----------------------------------------------
برهنت الأحداث الأخيرة على أن بلاد العالم المسيحي تتفوّق علينا في كل شئ. إنّهم يتفوّقون علينا في المعارف وفي الصناعات وفي الإختراعات وفي الإبتكارات وفي الإنجازات. إنّهم يتفوّقون علينا في القيم الإنسانيّة، ويتفوّقون علينا في الرحمة والعدل والتآخي..... يتفوّقون علينا في الإنسانيّة، ويكفينا كذباً على أنفسنا.
كل المعدومين والفقراء والمتأزمين في بلادنا العربيّة والإسلامية وفي بلاد أفريقيا من حولنا يهربون إلى أوروبا وأمريكا الشمالية بحثاً عن الكرامة وبحثاً عن الإنسانيّة... وبحثاً عن الحياة الشريفة، بعد أن عانوا في بلادهم من الظلم والقهر والحرمان.
قرّرت ألمانيا إستضافة 800,000 من اللاجئين السوريّين أي ما يعادل 1% من كل سكّانها، وإحتفى الألمان بكل طوائفهم وفئاتهم ومستوياتهم المعيشية باللاجئين السوريين وعاملوهم أحسن معاملة. لقد قامت العائلات الألمانية بالتبرّع الطوعي للاجئين السوريين بشكل فاق التصوّر حتى أعلنت الشرطة للمواطنين الألمان بالتوقّف عن التبرّعات حالياً لكثرتها وتكدّسها وزيادتها عن حاجة اللاجئين. لقد تبرّع الأطفال الألمان وأسرهم لأطفال سوريا اللاجئين إليهم بشكل أذهل السلطات الحكومية في الدولة وهذا يعكس بكل جلاء كم القيم الإنسانية الرفيعة لدى هؤلاء البشر.
في إستبيان رسمي أجرى حديثاً في كل دول الإتحاد الأوروبّي ال28، تبيّن أنّ 27% من اليونانيين إعتبروا أن اللاجئين هم عالة على بلدهم، في حين أعتبر 79% من الألمان بأن اللاجئين إلى ألمانيا ليسوا عبئاً عليهم وبأنّهم مرحّباً بهم في ألمانيا بإعتبار أنّهم محتاجين إلى المساعدة الإنسانيّة.
السيّدة الشجاعة "أنجيلا ميركل" المستشارة الألمانية قالت لبلاد البلقان التي تضايقت من اللاجئين وتردّدت في إستقبالهم، بل والكثير من دول البلقان رفضت قبول أي مهاجرين إليها وبعض تلك البلاد أهانت اللاجئين وعاملتهم بكل وحشيّة... المستشارة الألمانية قالت هذا اليوم بعد لقائها بالرئيس الفرنسي "فرانسوا أولاند" لدول البلقان بكل صراحة وبكل صرامة: إمّا أن تتحمّلوا معنا وزر اللاجئين ( أن تتقبّلوا الكوته) أو أنّنا سوف نعيد النظر في منظومة "الشينغن" من آساسها. المحلّلون السياسيّون والإعلاميّون علّقوا على هذا التصريح بالقول: إنّه لم يعد الآن أمام دول منظومة أوروبا الشرقيّة الأعضاء في الإتحاد الأوروبي من خيار غير القبول بالكوته وإلّا فإن شعوبهم سوف تفقد حريّة الحركة والعمل في أوروبا الغربيّة.
أين نحن المسلمون من كل هذا؟
------------------------------------
نحن من خلق كل المشاكل والأزمات التي تعاني منها بلادنا العربية والإسلامية الآن وعلينا بألّا نكذب على أنفسنا ونقول بأن الغرب هو سبب كل مشاكلنا. نحن سبب مشاكلنا، وعلينا أن نعترف بواقعنا المزري وبأوضاعنا التعيسة.
جميع مشاكلنا سببها "صراعات دينيّة عقيمة" بين الشيعة والسنّة من جانب، وبين الوطنيّة التحرّرية (العلمانيّة) وبين الدينية المتشدّدة من الجانب الآخر.
إن كل ما يحدث في سوريا وفي العراق وفي اليمن هو ناتج عن الصراع بين السنّة (السعودية وبقية دول الخليج) والشيعة(إيران والعراق)، وعلينا بأن نتوقّف عن إغماض أعيننا عن رؤية الحقيقة.
ماذا يا سادتي سوف يحدث لو أن إيران والسعودية( وهما الدولتان الغنيّتان) تبرّعت كل واحدة منهما بمليار دولار وإتفقتا على إنشاء منطقة محايدة في شمال سوريا تخصّص لكل المهجّرين والمشرّدين والمذعورين من أبناء وبنات الشعب السوري لتوفير الحماية لهم وتأمين سبل العيش الشريف في وجود الأمن والأمان حتى تحل مشلة بلادهم؟. هل من الصعب على السعوية وإيران القيام بمثل هذا العمل الإنساني من أجل حفظ كرامة العرب والمسلمين في بلادهم بدل ذلك الظلم الذي يجبرهم للهروب إلى بلاد "المسيحيين والكفرة"؟. أين هي الرحمة في الإسلام، وأين هي الإنسانية عندنا، وأين هي تعاليم الإسلام التي يتشدّق بها شيوخ الدين عندنا؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق