Translate

الجمعة، 2 مارس 2018

كرة الإرهاب "الإسلاميّة"

((مقال كنت كتبته في مثل هذا اليوم من عام 2014، وحينما قرأته هذا اليوم من جديد وجدت به الكثير ممّا أراه مازال مفيداً... قد تكون القدس هي مثالكم الرائع في هذا المقال !)):
علينا في البداية أن نفرّق بين الإسلام كدين وبين المسلمين كبشر تابعين. 
الدين أنزله الله على البشر بمقاصد وأهداف وإعتبارات قدّرها الخالق، والبشر هم من فسّر الدين حسب الهوى فأساء بعضهم إلى هذا الدين بقصد وأساء آخرون إليه من زاوية أو زوايا "إصلاحيّة المغازى"..... فقد يسئ البعض إلى ما يرغبون في الإحسان إليه من زاوية عدم المعرفة أو سوء التقدير.
كرة الإرهاب بإسم الإسلام كانت قد صنعت في بلاد العرب في فترة الخمسينات وتم التدرّب على قذفها لكنّها لم تقذف حينها نظراً لظروف تلك المرحلة التحرّريّة ونظراً لبروز الفكر الوطني (القومي) وسيطرته في الشارع على الفكر الديني الذي كان حينها معتدلاً في مجمله ودعويّاً في جوهره.
في فترة الستّينات وحتى بدايات السبعينات بدأ الفكر الديني في النمو ولكن في الخفاء وكثيراً ما كان "الفكر الديني" يختفي وراء مساع خيريّة أو دعويّة نظراً لإستمرار سيادة التفكير التحرّري والنهج التقدّمي.
بعد هزيمة عام 1967 وما تلاها من إحساس بالإنكسار وشعور بالهزيمة في كل بلاد العرب ومن أقام فيها من غير العرب الذين كانوا جزءً من نفس الأمّة من حيث الآحاسيس والمشاعر الوطنيّة والعاطفيّة... بعد تلك الهزيمة وتبعاتها بدأ التفكير الديني يصعّد من وتيرته مستفيداً من نكوص الفكر القومي وتعثّر المنهج التحرّري الذي لم يعتمد "الدين" كمحفّز له، وبالفعل خرج المنادون بالعودة إلى الدين للعلن ولم يعودوا حينها خائفين من قوّة ونفوذ الفكر التقدّمي (الناصري) خاصّة بعد غياب صاحبه وإستحالة وجود الوارث الأمين من بعده.
بدأت الحركات الدينيّة في الظهور العلني وطرحت فلسفاتها كبدائل للفكر القومي الذي برهن على فشله بسبب "بعده عن الدين" كما سوّقت الجماعات الدينيّة لذلك، فنشطت حركات الإخوان المسلمون بعد طول غياب أو تغييب، وخرج إلى العلن الفكر السلفي الوهابي الذي كان ينشط بخجل وبوجل في منطقة الخليج العربي من أثر سيطرة الفكر القومي على عقول الناس، وبدأت الدعوات إلى تأسيس الحركات الدينيّة المسلّحة للقضاء على "الأنظمة العلمانيّة" التي كانت تحكم المنطقة العربيّة، فكان حزب التحرير هو رائد الدعوة لمحاربة الأنظمة "الفاسدة" لكنّه كان حزباً متطرّفاً في دعوته ولم يكن يحظى حينها بالكثير من القبول الشعبي ممّا مكّن الأنظمة البوليسيّة في البلاد العربيّة من محاربته وتهجيره إلى أوربّا للعيش هناك مهاجراً تحت مظلّة "اللجوء السياسي" ولم يتمكّن حزب التحرير من فرض عودته إلى حيث يجب أن يكون لغرابة الطريقة التي كان يفكّر بها مؤسّسوه.
خرج بعدها الفكر السلفي المنادي بحمل السلاح لفرض التغيير (السلفيّة الجهاديّة) التي وجدت الدعم الكبير لها من حماة الفكر الوهابي في السعوديّة، وبالفعل تشكّل تنظيم القاعدة من رحم ثقافة "الطالبان" في أفغانستان والتي كان دافعها حينها تحرير أفغانستان من حكم "الشيوعيّين" بعد تلك الأحداث التي وقعت في بداية الثمانينات في ذلك البلد.
كثرت الحركات "الإسلاميّة" المهاجرة في أوروبّا وزاد تشدّدها مع الأيّام حتى غدت عالة على مضيفيها ممّن حدا بالكثير من البلاد الأوروبيّة بالتوجّس منها وإستشعار الخوف تمدّدها وتوسّعها وتسلّحها. 
بدأ الأوروبيّون يفكّرون في طريقة ذكيّة للتخلّص من تلك التنظيمات الإسلامية المتشدّدة والتي أصبحت تتعامل بالسياسة مستغلّة الدين لكسب المزيد من المتعاطفين في البلاد العربية والإسلاميّة، وكانت أفغانستان هي الوجهة التي شدّت أنظار الأوروبيّين والأمريكيّين نحوها بإعتبارها توفّر مخارج "محترمة" لتلك البلاد تستطيع من خلالها القذف بالكرات الدينيّة التي بدأت في التوهّج متجهة نحو الإشتعال المحتوم.. وربّما الإنفجار المؤكّد في ظرف من الزمان كان الغرب ربّما حسبه وعرف توقيتاته بالساعة والدقيقة.
تركّز الإهتمام على أفغانستان وكان الطالبان وتنظيم القاعدة بمثابة الجسر الذي عن طريقه سوف تتخلّص أوروبّا من أولئك "الضيوف" الذين تحوّلوا إلى "غير مرغوب فيهم"، وبالفعل توجّه الكثير من "الجهاديّين" إلى أفغانستان ليقاتلوا هناك إلى جانب تنظيم القاعدة والطالبان وما جاورهما من التنظيمات الإسلاميّة الأخرى في بعض جمهوريّات الإتحاد السوفييتي السابقة والتي كانت بها أغلبية إسلاميّة.
حينما نجح مشروع التهجير الذكي للجماعات الإسلاميّة المتشدّدة في أوروبا وشمال أمريكا إلى خارجها، إستطابت بلاد الغرب الفكرة وتبنّت مجتمعة نظريّة إشعال الحروب بإسم "الإسلام" حتى تجذب إليها المتطرّفين الإسلاميّين الذين مازالوا يتنعّمون بمزايا التحرّر والحماية في بلاد الغرب الذي يتسضيفهم ويستفيدون من تلك "الحريّة" التي توفّرها لهم بلاد الغرب الأوروبي والشمال الأمريكي وذلك بالتوسّع في إنشاء تنظيمات إسلاميّة (جهاديّة) متشدّدة أدّى الكثير منها إلى زعزعة الأمن في نفس البلاد التي أوتهم ووفّرت لهم الحماية بشكل أخاف بلاد أوروبا الغربيّة وشمال أمريكا ولعلّ أهمّها تفجيرات نيويورك ولندن وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وغيرها. بدأ الغرب يعمل على إشعال الحروب بإسم مناصرة المسلمين في العراق والصومال والجزائر ونيجيريا والسودان وباكستان وتششنيا وغيرها ممّا جذب الجماعات الدينيّة المتشدّدة إليها وخلّص الأوروبيّين من شرر وجودها على بلادهم.
وجد الأوربيّون بعد ذلك في ثورات الربيع العربي بيئة مناسبة وسليمة لتنامي الفكر الديني المتطرّف وساعدت أوروبّا المتشدّدين لديها في الإنتقال إلى آماكن الصراع الجديدة والتي بطريقة ما تحوّلت إلى صراع بين "الإسلام المتطرّف" و "العلمانيّة" ولا أظن بأن ذلك كان مجرّد مصادفة.
من هنا نرى كيف تمكّنت دول أوروبا الغربيّة وشمال أمريكا.. بل وبقيّة دول العالم الآن وبطرق ذكيّة جدّاً من قذف الكرات الساخنة وهي تكاد أن تنفجر إلى أحضان العرب من جديد وبدأوا بالفعل يهيئون لها كل ما يلزم لبقائها ساخنة وجاهزة للإنفجار في أية لحظة.
بدأت الكرات "الإسلاميّة" الساخنة تتدحرج الآن في معظم البلاد العربيّة وهي تتنامى في كل يوم لتعم كل البلاد العربيّة والكثير من البلاد الإسلاميّة مما يبقي هذه البلاد أسيرة الصراعات والإختلافات المذهبيّة فتتفرّغ أوروبا بعيد ذلك إلى تمرير مشاريعها والتي من أهمّها تثبيت الصهاينة في فلسطين، ونحن نرى الآن "الإسرائيليّون" وهم يحاولون الإستفادة من الوضع الراهن وبأسرع ما يمكن وسوف يتمكّنون من تهويد القدس بكاملها وقد نفيق يوماً لنتفاجأ بالمسجد الأقصى وقد تم تدميره أو ربّما الشروع الوقتي من قبل "المتطرّفين" اليهود في بناء الهيكل على أنقاضه... وسوف يحدث ذلك قريباً جدّاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق