Translate

الأحد، 17 نوفمبر 2019

حريّتك هي التي بداخلك تصنعها وليست تلك التي من غيرك تسترجعها

حينما تكون حرّاً في داخلك، تكون قادراً على العطاء وتكون قادراً على الإبداع... وتكون قادراً على الإقناع.
الحرية التي أنا هنا بصددها هي الحريّة "الداخليّة" وليست الحريّة الخارجيّة. هي تلك الحريّة التي تنشأ في داخلك وتخرج من أعماقك. حريّة نفسك وحريّة تفكيرك وحريّة إرادتك هي التي تصنع وتبلور وتشكّل طريقة تفكيرك. تلك الحريّة حينما تكون من نتاجك سوف بكل جلاء تنعكس على تصرّفاتك... سوف تظهر في ملامحك، سوف ترتسم في نبرات صوتك.... هي من يصنع لك شخصيّتك وهي من لغيرك يسوّقك بدون أن يكون ذلك هو مقصدك.
فأنت حينما تكون حرّاً في داخلك سوف تشعر حينها بأنّك قادر على صناعة الأفكار وبلورتها وتخليق أفكاراً جديدة منها.... وذلك هو الإبداع. أنا دائمأً أؤمن إيماناً عميقاً بالحريّة العميقة التي تنشأ في أعماقك، تتبلور في داخلك، وتتكامل مع تكوينك وتشكّلك.. تلك التي تصبح إحدى مكوّنات شخصيّتك. فالإنسان حرّ الإرادة وحرّ المعتقد هو وحده من يقدر على الخلق والإبداع، وهو من يقدر على صناعة الأفكار وبلورتها وتشكيلها ثم تسويقها، وحينما تسوّق تلك البضاعة تجد من يقتنيها ومن يفتخر بتبنّيها.
أنا أستمع إلى شيوخ الدين ولا خوف لي منهم إطلاقاً. أنا شخصيّاً وبصدق لا أنسجم مع الطريقة التي يفكّر بها شيوخ الدين لأنّهم حسب معطياتي وحسب تفكيري عبارة عن مجموعة من المنافقين والكذّابين والذين بإسم الله يضحكون عليك ويخدعونك ثم إذا بهم يستلبونك أهم ما تملك وهو إرادتك التي تصنعها لك حريّتك وترسم أبعادها قناعاتك. أنا لا أخاف من شيوخ الدين ولو وصل بي الأمر لأن أقارعهم بالحجّة والبرهان. أنا أعرف بأن الكثير منهم هم أغبياء وأفق تفكيرهم ضيّقة جدّاً ومن ثمّ فهم لا يقدرون على النقاش، ذلك فقط لأنّهم لم يتعلّموا فن الحوار والنقاش في مدارسهم الفقهيّة - ليس الفكريّة - التي تؤمن كلّها بعدم الإعتراض، بعدم التشكيك، وبعدم النقاش؛ وإنّما توصي بالأخذ بالمسلّمات، وحينما تكون التوصية بغير كافية فإنّها سرعان ما تتحوّل إلى إلزام ولو كان ذلك على حساب التثبّت. الحياة هي أخذ وعطاء، ومن أجل أن نجعل منها أمراً متطوّرا وأحداثاً متجدّدة علينا بأن نتناقش ونتحاور ونتبادل الرؤى فيها حتى ندفع بها إلى الأمام، وننتقل بها من هناك(الماضي) إلى هنا(الحاضر) ومن هنا إلى ما بعده(المستقبل).
أنا أيضاً أعرف السحرة وما بوسعهم أن يفعلوا بالأغبياء والمغفّلين والخائفين والمرتعبين، لكنّني أنا إطلاقا وإطلاقاً لا أخاف ولا أخشى السحرة لأنني أعرف يقيناً بأنّهم لا يمكنهم سحري بسحرهم ولو إستماتوا في المحاولة أو أتوا بغيرهم ظهيراً لهم، فهم أعجز من أن ينتصروا على قوّة إرادتي أو أن يغيّروا من قناعتي أو يرثّروا في نفسيّتي . فأنا أعرف يقيناً ومن خلال ما تعلّمت بأنّ تأثير سحرهم على الناس هو نفساني: {{فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ """"يُخَيَّلُ""" إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ}}، وذلك هو تحديداً ما تعلّمته في مهنتي التي أعشقها وأتفاعل معها لأنّني أجد فيها تفسيراً للكثير من الظواهر التي كان الناس في قديم الزمان - وربّما بعضهم في الكثير من مناطق العالم المتخلّفة - يظنّون بأنّها بفعل السحر أو الجن أو الأشباح. من ثمّ، فأنا لا أخاف السحرة ولا أخشاهم ولا أتجنّبهم ولا أرتعب من سماع كلمة "السحر" كما يفعل الكثير من "المغفّلين" الذين بسبب جهلهم وقلّة معارفهم مازالوا يؤمنون بأن هناك من قد أو سوف يسحرهم ويدمّر لهم حياتهم مع معرفتهم بأن الأمر بيد الله وبأنّ الله كان قد قالها واضحة وصريحة بأن أثر السحر على الناس هو من وقع "الخيال"... أي من تخيّلهم وتوّهمهم ومبعث ذلك هو إرتعابهم وغياب الثقة بأنفسهم وفقدانهم الإحساس بقدراتهم بسبب ضعف أو غياب أراداتهم نتيجة لظروف نفسيّة يمرّون بها أو إكتئابات ظاهرة أو متستّرة يعانون منها. أنا دائماً أبحث عن السحرة كي أواجههم؛ فأنا قطعاً لا أخاف منهم، وذلك لأنّني أعرف يقيناً بأنّهم لا يمكنهم إطلاقاً أن يؤثّروا في لأنّني أملك المعلومة وأفهم التفسير وأعرف كيف يفكّر عقل الإنسان من خلال مهنتي كمتخصّص في مخّ الإنسان؛ ومن ثمّ فأنا أمتلك المقدرة التي بها أستطيع أبرهن لهم بها على فشلهم وغبائهم وقلّة حيلاتهم، لأنني ببساطة أعرف بأنّهم إنّما يسيطرون عليك إن كنت أنت لا تمتلك إرادة الإعتراض(المعاندة) أو حريّة الإختيار(الممانعة). فرجائي من كل من يظن بأنّه مسحور أو مخبول بفعل السحر أو أن هناك من يتصيّده ليسحره فيدمّر عليه حياته... أقول لكل من يظن كذلك بأن يقرأ ما كتبته له اليوم، فأنا هنا صادق فيما أقول وعارف بما أرمي إليه ولا هدف لي من كل هذا غير التوعية والتنبيه والنصيحة.
أعود من جديد إلى موضوع مساهمتي لهذا اليوم وهو "الحريّة الذاتيّة" أو ربّما أقول "الحرية الكامنة" ... الحرية التي في داخلك، وهي من تصنع لك إرادتك فتقوّيها وتجعلها دائماً حاضرة وبين يديك كلّما بحثت عنها. الإرادة التي أعنيها هنا هي إرادتك التي تصنعها أنت، وتلك هي الإرادة التي تكون على الدوام معينك الذي لا ينضب وإختيارك الذي لا يخذلك ولا يتأخّر عنك، لكنّها يجب بأن تكون إرادتك أنت وليست إرادة غيرك. فأنت حينما تتصرّف بإرادة غيرك فإنّك بذلك تفقد حريّتك، وحينما تفقد حريّتك تعجز عن التأثير على غيرك وتفشل في محاولاتك لتغيير واقعك.
الحريّة الداخليّة هي بدورها كانت قد تغيّرت ولم تعد كما كانت. ففي عالم اليوم، لم تعد حريّة الناس ملكاً للآخرين ولم يعد لغيرك القدرة على كبح جماح حريّتك بعد فضاء الإنترنت الرحب الذي يدور حولك ويحيط بك. وفي هذا الإطار، فأنا أرى بأن شيوخ الدين هم الخاسر الأكبر من كم الحريّة الذي وفّره عالم الإنترنت الرحب لعموم الناس الذين كانوا دائماً يقبعون في الخلفية ولا يجدون من يستمع إليهم أو ينتبه لهم. شيوخ الدين عندنا كانوا يملكون مئات القنوات الفضائيّة التي ينفقون عليها ومن ثم يحتكرونها لأنفسهم كي يبثّوا سمومهم من خلالها وكثيراً ما يجدوا تلك العقول الواهية وتلك الأنفس التي تفتقر إلى حريّتها الذاتيّة فتكون هي الضحيّة وتكون لهم هي المطيّة.
كان شيوخ الدين يحتكرون - دون الكثيرين غيرهم - وسائل الإعلام ولا تستطيع أنت المواطن العادي أن تعاندهم أو تعارضهم أو حتى تنتقدهم؛ فإن تجاسرت وفعلت فسوف تصبح عندم من "الكفّار" الذين يحق لهم إصدار الفتاوي في حقّهم بهدف التخلّص منهم بقتلهم أو سحلهم أن نفيهم أو تطليق زوجاتهم منهم كما سبق وأن فعلوا في الكثير من المواضع وفي الكثير من المواقع.
أما اليوم فإنّ الوضع بالفعل كان قد تغيّر... بل، وتغيّر كثيراً. سيكون عالم الإنترنت هو من سوف بكل تأكيد يسقط طغيان أساقفة الإسلام الجدد، وسوف بالفعل يقود الفيسبوك والتويتر والواتس أب وبقيّة المنابر الحرّة.... سوف تقود هذه الوسائط (المنابر) الجديدة الثورة على رجال الدين، وسوف تقود المنابر الحرّة مشروع كشف آكاذيب تجّار الدين وقدراتهم الفائقة على تكميم الأفواه وفرض القبول بالأمر الواقع. هناك الكثير من المسكوت عليه والمخفّى، وذلك الذي تم تزييفه بغرض تسويقه، ومعه الكثير من المحرّف الذي نقله لنا سماسرة الدين هو اليوم بدأ يخرج للناس في صورته الحقيقيّة، والكثير من قصص الأبطال "الوهميين" بدأنا الآن نتعرّف على حقيقتها ونتكشّف على طبيعتها وهذا هو أكثر ما يثير حفيظة شيوخ الدين الذين يحافظون على قوّة تأثيرهم على عقول البشر عن طريق التمويه والتستّر والتزيين وإذا لم تنفع كل تلك الآساليب فهم لا يخجلون ولا يترددون في أن يعمدوا إلى "الترهيب" بكل صوره وأشكاله من أجل فرض منهج تفكيرهم على غيرهم.. فلتكونوا من النبهين ومن المنتبهين.... تصبحوا على خير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق