Translate

الأحد، 15 ديسمبر 2019

لا يمكن تحقيق دولة مدنيّة بدون وجود حماية وطنيّة

 
إلى الذين يحلمون بالدولة المدنيّة في ليبيا، وإلى كل من بصدق يبحث عن غد أفضل لنا في ليبيا، وإلى كل من ينظر إلى الأمام ويريد بصدق وبعقلانيّة اللحاق بالبلاد العصريّة... إلى كل ليبيّة وليبي شريف ونقي وواضح أقول: إن تحقيق الدولة المدنيّة يحتاج إلى حماية ورعاية من جيش وطني وقوى أمنيّة متحضّرة وعصريّة.
عند الحديث عن هذه الأمور يتعيّن علينا بأن نعود إلى جوهر القضيّة... سبب المشاكل في بلادنا حتى - معاً - نستطيع أن ننظر قليلاً إلى الأمام، وحتى - معاً - بالفعل نبني الدولة المدنيّة المنشودة. إن الدولة المدنيّة ليست أغنية وطنيّة، لا هي مجرّد حلم في ليلة رومانسيّة؛ وإنّما هي واقع لابد وأن يقوم على أسس متينة وعلى قواعد قويّة. إن الدولة المدنيّة لها أصولها ولها تعريفها ولها أوصافها التي علينا بأن نعرفها، وأن نحسّ بها، وأن تكون عنّا ليست بخفيّة. لا يمكن بناء دولة بدون وجود جيشاً يحميها، ولا يمكن إرساء ديموقراطيّة بدون وجود حريّة. لا يمكن تحقيق الحريّة في وجود جماعات مؤدلجة، ولا يمكن بناء دولة عصريّة في وجود عقول متخلّفة ومن مازالوا ينادون بإعادة "الخلافة الإسلاميّة". لابد وأن نعيش زماننا، ولابد لنا من أن نتعلّم من جيراننا وحتى من أولئك الذين يعيشون بعيداً عن مكاننا. لابد لنا من العيش بمعطيات هذا الزمان، ولابد لنا من التفاعل مع كل ما أبدعه الإنسان وفي كل مكان.
لقد قامت في ليبيا ثورة وطنيّة، وكانت بالفعل دوافعها حقيقيّة، وكان الشباب الذين قاموا بها بصدق يحلمون بالحريّة؛ غير أن قوى الظلام والرجعيّة وذوي الأفكار الزِمنيّة وأصحاب المصالح الآنيّة والطامعين وذوي النوايا الخفيّة... أولئك هم من سرق ثورتكم، وأولئك هم من سبّب بؤسكم وتعاستكم؛ وأولئك هم أوّل من يجب بأن يكون هدفكم الأسمى وأن يكون إبعادهم من طريقكم هو بكل يقين وبكل وضوح.... هو غايتكم.
لابد يا أيّها الإخوة ويا أيّها الأخوات - أبناء وبنات ليبيا - لابد لنا بأن ننظر حولنا، وأن نتدبّر أمورنا، وأن نرسم معاً خططنا وبرامجنا. لابد وأن نعترف جميعاً بأنّه لايمكن أن تبنى دولة بدون جيش، وبأنّه لايمكن أن تحقيق ديموقراطيّة في وجود الكذب والنفاق والتعالي والتهميش. لابد وأن نسعى كلّنا من أجل ترسيخ أسس الديموقراطية من أجل تحقيق الدولة المدنيّة ومن أجل خلق الحياة الكريمة لكل أهلنا بدون تمييز وبدون تهميش وبدون إقصاء في دولة عصريّة وحرّة ومتحضّرة ومدنيّة؛ وهذا سوف لن يتحقق في وجود قوى الطغيان التي تتحكّم الآن في العاصمة الحزينة... عاصمتنا التي تذرف الآن دموعها... عاصمتنا البكيّة.
فكّروا فيها كما يتراءى لكم، أحسبوها كما تشاءون.... ولكن فقط فكّروا بعقولكم، أفتحوا عيونكم، أنظروا حولكم، وإعملوا حساباتكم. لا يمكن بناء دولة في وجود مليشيات، ولا يمكن تحقيق الحريّة في وجود الطغاة، ولا يمكن في وجود الطمع والجشع وعقلية الإستحواذ تحقيق الرخاء. لابد من وجود جيش، ولابد من وجود شرطة، ولابد من وجود قانون، ولا بد من فرض سلطة الدولة من أجل العبور إلى الأمام.
أتمنّى بأن يعرف الطغاة بأن أيامهم قد غربت وأن سلطتهم قد إنتهت وبأن خزعبلاتهم قد إنكشفت... وبأنّه حان لهم بأن يذهبوا، فإن لم يتطوعوا بالذهاب فسوف يدفعون إليه بأشد الحساب وبأقسى أنواع العقاب. أنصروا جيشكم وأخرجوا لتحرير عاصمتكم وأنظروا بأمل لإنتشال دولتكم ولتحلموا بغد جميل وآمن ومستقر هو.... غدكم. أسعد الله يومكم وأرفق بكم وتكرّم برحمته عليكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق