عن قناة الجزيرة الفضائيّة
شهد التيار المطالب بالفدرالية في ليبيا بروزا لدور القوة المسلحة في وسطه، مقابل اضمحلال دور السياسيين الذين يسلكون الطرق السلمية في عملهم، فيما برز جيل جديد من الفدراليين يؤمن بأن الحل يكمن بإقامة ثلاث فدراليات بـ طرابلس، وبرقة، وفزان، على غرار تقسيم عام 1951 إبان عهد الملك الراحل إدريس السنوسي.
وكان المسلحون الفدراليون قد استخدموا قوة سلاحهم لإحكام سيطرتهم على المورد الرئيسي للبلاد بإغلاق موانئ وحقول النفط الليبية منذ شهر تقريبا، واعتبروا النفط "خطا أحمر" إلى حين إيجاد حل لأزمات البلاد "المتراكمة" سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، قائلين إن النفط يستخرج من تحت أرضهم "المهمّشة".
مقابل هذا البروز للسلاح في التيار الفدرالي، اختفى عن الأنظار صف السياسيين الفدراليين أمثال رئيس مجلس برقة أحمد الزبير، الذي حل محله في الواجهة رئيس المكتب السياسي لإقليم برقة رئيس حرس المنشآت النفطية المقال إبراهيم الجضران.
وعن سبب تحوّلهم إلى السلاح، يقول الجضران للجزيرة نت إن المؤتمر الوطني العام والحكومة برئاسة علي زيدان هم من هددوا بالقوة في بداية إغلاق النفط، من خلال إطلاقهم التهديدات باستخدام القوات الجوية والبحرية والبرية للرد على إغلاق النفط.
وفي رده على آراء الخبراء بأن الفشل في حشد الأنصار دفعهم للانتقال إلى لغة السلاح، أكد الجضران أن أنصارهم في تزايد مستمر، وأن الحل لأزمة ليبيا هو تبني الخيار الفدرالي.
وبينما لا يرى رئيس كتلة تحالف القوى الوطنيّة توفيق الشهيبي الفدرالية حلا لليبيا، فإنه مع هذا يرى أن أنصار هذا التوجه فهموا قواعد اللعبة أخيرا، وهي أن الدولة يحكمها من يحمل السلاح.
ويضيف أنه "لا يفل الحديد إلا الحديد"، وأن "الفدراليين" لديهم القدرة على فعل أكثر من حصار الوزارات الذي جرى في العاصمة طرابلس، وهو إغلاق موانئ النفط وأكبر حقوله، مؤكدا أنهم أقوى حاليا من المؤتمر الوطني العام.
وتساءل الشهيبي عن سبب الحديث الآن عن عسكرة الفدرالية؟ ولماذا لم يكن هناك حديث في السابق عن تجنيد بعض أعضاء المؤتمر الوطني العام لثوارهم؟
وقال إن حديث رئيس المؤتمر الوطني العام نوري بوسهمين وبعض الأصوات البرلمانية عن استعداد الثوار السابقين لتحرير مناطق النفط هو تعجيل بتقسيم ليبيا وجرها إلى حرب أهلية.
وأرجع الناشط الليبي والدبلوماسي إدريس ابن الطيب التحول إلى استخدام العنف المسلح إلى طبيعة الطرح الفدرالي "الأحادي" منذ بداية إطلاقه قبل عامين.
ورجح في حديثه للجزيرة نت انقسام التيار بين مجموعة رئيس مجلس برقة أحمد الزبير الذي قال إنه الأكثر اعتدالا، وجماعة رئيس المكتب السياسي لإقليم برقة حاليا إبراهيم الجضران الأكثر تطرفا، واصفا الأخير بأنه الأقل قدرة على ممارسة السياسة.
وتوقع ابن الطيب تناقصا كبيرا في نسبة المؤيدين للطرح الفدرالي، وقال إنهم فئة تتسم بالتذمر والسخط من الأوضاع السائدة، أكثر من كونهم يحملون مشروعا سياسيا قابلا للتطبيق بعد استفتاء الناس عليه، وقال إن من نصحهم بقفل آبار النفط هو شخص لا يؤيد الفدرالية.
ويعتقد ابن الطيب أن هذا التحوّل يجر إلى تقلص وضمور هذا التوجه بين صفوف مؤيديه، قائلا إن الغايات مهما كانت نبيلة فلا يمكن الوصول إليها عبر أدوات غير نبيلة.
تمهيد لتقسيم ليبيا
وفيما يقول الناشط الإسلامي محمد عمر حسين بعيو إن عسكرة وتسليح المطالب السياسية والإدارية والحقوقية للصف الثاني من دعاة الفدرالية تطور يدفع إلى القول بأن أي حديث عن الحوار اليوم يعني تقديم تنازلات حقيقية ومؤلمة، يقول الناشط السياسي الليبرالي صفوان المسوري إن لجوء الفدراليين إلى قوة السلاح يفتقر إلى الإلمام بأبجديات السياسة، محذرا من تكليف الدولة لأي كتائب أو مجموعات مسلحة بفض احتجاجات النفط، مؤكدا أن ذلك من شأنه جر ليبيا إلى مزيد من الفوضى والعنف والقتل.
واعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة البيضاء شرقي ليبيا رمضان بن طاهر أن التطور اللافت للغة السلاح هو مجرد تمهيد لتقسيم ليبيا، مؤكدا أن الفدراليين ليس أمامهم سوى استخدام القوة لفرض قناعاتهم ووصف ذلك بالأسلوب القمعي.
يذكر أن الجزيرة نت حصلت على معلومات مؤكدة بأن عدد قوات مجلس برقة بلغ قبل يومين 22 ألف مسلح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق