Translate

الثلاثاء، 4 فبراير 2014

الدنماركيون يشتمّون فسادا في صفقة لـ «جولدمان ساكس»

عن "أخبار ياهوو"


واجه جولدمان ساكس الكثير من الادعاءات البغيضة في الأعوام الأخيرة - من اتهامات بشأن دوره في الأزمة المالية العالمية إلى تلميحات بأنه ساعد الحكومة اليونانية على التلاعب بأرقامها. والآن يمكن القول إنه كاد يُسقط الحكومة الدنماركية.
والكثير من الغضب الموجه ضد صفقة استثمارية لمؤسسة دنماركية عامة تملكها الدولة، ينبع من مشاركة بنك الاستثمار الأمريكي الذي تعرض للازدراء هذا الأسبوع من قِبل متظاهرين في كوبنهاجن يلوحون بلافتات عن حبّار مصاص للدماء.
لكن وراء سمعة جولدمان هذه خمس قضايا أخرى كبيرة تعتبر بالقدر نفسه غير ملائمة لحكومة يسار الوسط الدنماركية المحاصرة، بقيادة رئيسة الوزراء، هيلي ثورنينج شميدت، كما هي لجولدمان. لماذا البيع في المقام الأول؟
لقد عانت "دونج للطاقة"، وهي مؤسسة عامة تعكف صناديق يديرها جولدمان على شراء حصة فيها بنسبة 19 في المائة مقابل ثمانية مليارات كرونة دنماركية، منذ الأزمة المالية مثل العديد من مجموعات الطاقة الأوروبية، خاصة بعد أن استثمرت مليارات الكرونات في سعيها لتصبح رائدة في مجال الطاقة المتجددة.
وتملك المجموعة أكثر من ثُلث طاقة التوليد في الدنمارك إلا أنها سجلت خسائر تشغيلية تبلغ ستة مليارات كرونة في عام 2012، ما أدى إلى فجوة مالية يتعين إغلاقها.
وقررت الحكومة الدنماركية التي تملك 81 في المائة من مجموعة دونج، البحث عن حقوق ملكية جديدة للمساعدة على تجهيز المؤسسة لاحتمال إدراجها في البورصة بعد أن اضطرت لإلغاء محاولة سابقة في عام 2008. وفي تشرين الأول (أكتوبر) أعلنت الحكومة أن جولدمان واثنين من صناديق المعاشات التقاعدية الدنماركية، هما "إيه تي بي" و"بي إف إيه"، سيستثمرون 11 مليار كرونة، الأمر الذي خفض حصة الدولة لتصبح نحو 60 في المائة. وتم سد الفجوة.
لكن لا يزال كثير من الناس في الدنمارك غير مقتنعين بضرورة تخصيص جزء من شركة تعتبر مهمة جداً لحاجات البلاد من الطاقة. وفي استطلاع حديث للرأي، كان 80 في المائة من الدنماركيين ضد الفكرة.
ومع زيادة الجدل حول عملية البيع لجولدمان هذا الأسبوع وسط جلسات برلمانية، وقعت مفاجأة مذهلة: لقد أعلنت محطة التلفزيون الثانية TV2 أن "بينشين دنمارك"، وهو صندوق معاشات لسوق العمل، كان قد قدم عرضاً أعلى بتقييمه دونج بمبلغ 46 مليار كرونة، مقارنة مع تقييم جولدمان البالغ 32 مليار كرونة.
ووفقاً لأشخاص مطلعين على الصفقة، الحقيقة أكثر تعقيداً. كان عرض "بينشين دنمارك" يحتوي على شروط مختلفة عن شروط جولدمان، ما يجعل من غير المنصف المقارنة بينهما.
وتعتقد الحكومة الدنماركية أن عرض "بينشين دنمارك" كان أقرب إلى قرض، والصندوق لم يكن على استعداد للمجازفة بما فيه الكفاية. ويقول مسؤولون في الحكومة إن هناك صناديق معاشات دنماركية أخرى ظهرت فجأة قائلة إنها ستقدم عرضاً مطابقاً لعرض جولدمان لكن بعد فوات الأوان.
وهناك سؤال آخر يُحيط بالصفقة يتعلق بحجم المخاطرة التي يتخذها جولدمان فعلاً. وقد تم تركيز الاهتمام على بند من الصفقة ينص على ما سيحدث إذا لم يتم إدراج مجموعة دونج في البورصة بحلول منتصف عام 2018، كما هو متصور حالياً.
أخبر وزير المالية الدنماركي البرلمان أن جولدمان وصندوقي المعاشات الدنماركيين سيكون بإمكانهم إعادة بيع الأسهم للحكومة. وفي حين سيتم إعادة 40 في المائة من الأسهم حسب "القيمة السوقية العادلة"، فإن الـ 60 في المائة الأخرى ستكون على أساس سعر الشراء إضافة إلى معدل فائدة سنوي نسبته 2.25 في المائة. ويقول كريستيان فايزِه، رئيس مؤسسة سيفيا الاستشارية التي تتبنى سياسة يسار الوسط: "إنهم يخاطرون بنسبة 40 في المائة فقط من رأس المال الذي قاموا بحقنه".
ومشاركة المخاطر لم تكن المشكلة الوحيدة التي وجدها الناس في وثيقة وزارة المالية. فقد ذكرت بالتفصيل كيف أن شركة استثمار الطاقة الجديدة، وهو اسم الأداة الاستثمارية الوسيطة التي يستخدمها جولدمان لشراء الحصة، ستحصل على حقوق النقض التي لن ينعم بها أي مستثمر آخر.
لذلك إذا أرادت "دونج" الانحراف عن خطة عملها، أو تغيير الرئيس التنفيذي، أو المدير المالي، أو القيام بعملية استحواذ كبيرة، أو بيع أسهم جديدة، عليها الحصول على موافقة مسبقة من جولدمان.
وأثار هذا غضب الدنماركيين الذين لا يرون سببا لحصول جولدمان على معاملة خاصة. لكن مسؤولي الحكومة يجادلون بأن مثل هذه الحقوق أمر شائع عندما يحصل المستثمرون على حصة كبيرة في شركة غير مدرجة، من أجل منحهم بعض الحماية. ونظراً لأحداث الأسبوع الماضي، ينبغي لجولدمان أن يكون سعيداً للحصول عليها.
ويشتري جولدمان حصة دونج من خلال شركة الأسهم الخاصة والبنية التحتية التابعة له، التي تستثمر أموال الغير. لكن قراره باستخدام شركة تابعة له مقرها لوكسمبورج، يملكها مساهمون في جزر كيمان وولاية ديلاوير، ولّد انتقادات كبيرة في الدنمارك.
ولهذا البلد الاسكندنافي أعلى معدلات الضرائب في العالم بالنسبة للأفراد، لذلك استخدام شركات مسجلة في الملاذات الضريبية الآمنة يعد قضية حساسة. ويقول جولدمان إنه ليس من الطبيعي أن يقوم مستثمر بوضع وسيط استثماري في الدنمارك من أجل استثمار أقلية واحدة. ويضيف: "إن جولدمان ساكس يمتثل لقوانين الضريبة كافة المعمول بها في الدنمارك، ولوكسمبورج، والولايات المتحدة وغيرها من السلطات القضائية ذات العلاقة، وسيستمر في الامتثال".
وأقر البرلمان الدنماركي الصفقة يوم الخميس، ما يعني أن استثمار جولدمان وصندوقي المعاشات ينبغي أن يكتمل في شباط (فبراير) الجاري.
ويأمل البنك الأمريكي، الذي ذُهل من ضراوة نقاش الدنماركيين المفاجئة، أن غضب الرأي العام لن يُفسد استثماراته المحلية الأخرى - خاصة شركة الاستعانة بمصادر خارجية، "آي إس إس"، التي تفكر في عملية إدراج في البورصة.
وفي هذه الأثناء، لا تزال الحكومة الدنماركية تواجه تمحيصاً عاماً بشأن الصفقة والتساؤلات عن سبب منحها جولدمان شروطاً معينة. وأيّاً كانت النتيجة، فهذا الأمر يقدم درساً لإدارة ثورنينج شميدت، التي خسرت أحد شركائها في التحالف بسبب الصفقة يوم الخميس.
ويقول فايزِه: "لقد أظهر الشعب الدنماركي أنه أكثر انتقاداً لنوع الرأسمالية المالية التي تهيمن على العالم مما كان يُعتقد سابقاً. وسيعرض الحزب الاشتراكي الديموقراطي نفسه للخطر إن تجاهل ذلك".

التعليق
برهن الشعب الدنماركي عن وعيه ومعرفته ببواطن الأمور في بلاده، وأكثر من كل ذلك عن وطنيّته وحبّه لبلده، وعمله الجدّي في الحفاظ على ثروات بلاده من أن ينتهبها السماسرة ولو كان العرض في ظاهره يبدو مغرياً.
الدنمارك تعتبر أوّل دولة في العالم من حيث الشفافيّة والنزاهة وكذلك في حريّة التعبير، ويعتبر الدنماركيّون من أغنى شعوب العالم على الإطلاق. كذلك فإنّ الشعب الدنماركي الصغير في العدد (5.59 مليون نسمة حسب تعداد 2012) يمتاز بقدر كبير من التحضّر وهو يقود عالم العصرنة من الأمام، كما أنّه شعباً يتميّز بإحترامه لطريقة وكيفيّة تفكير الآخرين.
الدنمارك تعتبر دولة علمانيّة، بل يمكن إعتبارها هي موطن نشأة العلمانيّة الأوّل، حيث بدأت أوّل إرهاصات الثورة البروتستانتيّة (المعترضين على الكنيسة الأوثوذوكسيّة) هناك، لكنّها مع ذلك تحترم المعتقدات لكل البشر وتمكّن أصحاب الديانات الأخرى من التعبّد بكل حريّة في داخل هذه المملكة الصغيرة.... فتحيّة للشعب الدنماركي على حبّه لبلده وعلى حركيّته التي تعتبر مثالاً يحتذى به لبقيّة شعوب العالم.
وختاماً... يقال بأن مملكة الدنمارك لا توجد بها سجوناً بل معاهد علاج إجتماعيّة لكلّ من يجنح في ذلك البلد لأنّهم يؤمنون بأن السجن يعتبر إهانة لكينونة البشر، وعلى أن كل إنسان يعتبر قابلاً للتأهيل والإستقامة إن هو توفّرت له الخبرات المؤهّلة، وحظي بفهم طريقة تفكيره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق