Translate

الأحد، 27 يوليو 2014

وبدأت الحرب الأهلية الليبية الشاملة

للدكتور "سالم الهمّالي" من على صفحتة في الفيسبوك

خروج الأميرة ديبورا بنت جون يوم الأمس من طرابلس، هو إيذانا منها ( المجتمع الدولي) واعترافا بان الصراع السياسي في ليبيا كان قد وصل الى أقصاه، وبأن الحرب الأهلية قد تكاملت أشراطها، وعلى الجميع الاستعداد للدخول في نفق الحرب الأهلية الليبية الشاملة. أطراف الصراع وصلوا الى قمة العجرفة والتعنت، يظنّون بانّهم قادرين على حسم الامر لصالحهم بالقوة على أرض الواقع، والكل يدّعي شجاعة وبأس لم يره أحد من العالمين من قبل.
كنت أعتقد وأظن في السابق، والآن أُجزم بان الحرب الأهلية في ليبيا قد بدأت، وعلينا ان نعّد أنفسنا الى صراع دموي طويل ومرير يحصد الأرواح ويدمّر الوطن بأيدي أبنائه.

البعض ممّن يقراء ما أكتبه، يظن ان هذا تشاؤم لا مبرر له، والآخر يعتبره أعترافاً متأخراً، وكلاهما له ما يبرر وجهة نظره. وهنا يجدر القول بان الحرب الأهلية هي شر ووبال، يُساق اليه الناس في غفلة من أمرهم في بدايتها، وما ان يستيقظوا لحقيقتها حتى يدركوا انهم قد ولجوا طريق لا رجعة فيه، تتقلب فيه المواقف ومناطق التوتر مع مرور الوقت، ودخول أطراف أخرى في الصراع لم تكن في الحسبان.

ربما البعض لا يدرك ان ثروة ليبيا الحقيقية بالنسبة للعالم حولنا، هي "النفط" المخزون في باطن الارض، وهو بالنسبة لهم في الصون والأمان. ومن المفارقات المحزنة لنا ان هذه الحرب العبثية والغير مبررة، تُنقِص من قيمته بالنسبة لنا، وتَرفع من قيمته عندهم، وذلك ناتج عن ضعف إرادتنا وتدمير مرافقنا كنتيجة حتمية للحرب، مما يُحَسن شروط التفاوض بالنسبة للشركات العملاقة التي تضع استراتيجياتها على مدى عشرات السنوات المستقبلية. أذكر هنا ان توقف انتاج النفط الليبي شبه الكامل، الذي نتج عن رعونة وحمق أمراء الحرب، لم يكن له أثر كبير على السوق العالمي وأسعار النفط، بل كان بشارة خير لبعض الدول الاخرى المنتجة للنفط والغاز، وخصوصا ان بعضها له تدخل مباشر في ما يجري على الارض الليبية عبر عملائها.

لماذا هي حرب أهلية يتسائل البعض؟، وهنا سأورد بعض أشراطها التي أكتملت:

١- شيطنة الآخر وتسفيه وجهة نظره، وهي أولى الخطوات التي تنقل الصراع من إطاره السياسي، الى جدال عبثي، يحاول فيه كل طرف التركيز على نقاط الخلاف مع الاخر، مما يبعد الشقة بين الطرفين. ومن يتابع الاعلام او ما يسمى أعلام هذه الأيام، يرى الكم الهائل من الكذب والتزوير من جميع الاطراف بما يبعث على السخرية والازدراء من المستوى الهابط في تناول قضايا تزهق فيها أرواح الأبرياء، مصحوبة بتطبيل الأبواق التي تنفث السموم والفتنة بين أبناء الشعب الواحد. 
٢- اللجوء الى السلاح لدعم وجهة النظر، وذلك يشمل الجانب المخفي بالخطف والاغتيال، او الظاهر بالاشتباكات المسلحة. وكلاهما هو ما نشهده حاليا على ارض الواقع. ومن العجائب هنا ان كلا الجانبين يدّعي الشهادة لقتلاه، ويعدهم بجنات النعيم، التي سيدخلونها آمنين بعد ان قّتلوا إخوانهم في الوطن والدين!.
٣- إستخدام الدين أو الوطنية او كليهما في الصراع بما يكّفر الخصم، وهنا تتنزل عليه لعنات السماء، او يخونه بما يظهر الخصم كعميل لجهات خارجية ( دول او أيديولوجيا). ولا يخفى على احد ان هذين السلاحين بارزين على السطح بقوة في الصراع الليبي، ومن الطرفين.
٤- اليد الخارجية، هي ما يذكي الصراع والإحتراب، بتغذية الحلفاء بالدعم المادي والإعلامي وتوفير الغطاء الدولي. والاهم هو أيهام الحليف انه مدعوماً من القوى الخارجية ومعترفاً به وله الحظوة عند الأقوياء. ولا يغيب عنا ان أطراف النزاع في ليبيا لهم امتدادتهم الخليجية والأوروبية الظاهرة للعيان. وكثيراً ما تسخر الحروب الأهلية كورقة ضغط في الصراعات الدولية من قبل عرّابي الصراع. ومن سوء حظ الليبيين ان دول قزمية بالمعيار الدولي أصبحت سيدة الموقف، بما يجعل حكامها يتدخلون في الشأن الليبي وبكل أريحية ووضوح.
٥- غياب العقل، هو "الإنزيم" الذي يزيد من تفاعل العوامل السابقة وله مظاهر عديدة، منها سطوة من يتحلّون بالرعونة من كلا الطرفين، وتقهقر او اندحار العقلاء تحت تأثير التخويف او النعت بصفات الجبن والتخاذل، مما يجعلهم اما يذعنون او ينسحبون من الساحة، واذا لزم الامر يُغَيَبُون عنوة عنها. ومن الملحوظ ان الأسماء التي تتداولها الألسن إبان الصراع والحروب الأهلية هم من يندرجون تحت إطار أمراء الحرب لا دعاة السلام.

هذه بعض الإشتراطات التي توفّرت ويمكن إسقاطها على الحالة الليبية، بالرغم من جحود البعض لها، بل ربما حتى إنكارها جملة وتفصيلا. واذا كان هناك عذراً لأخوتنا في الصومال والعراق، لعدم وجود سوابق تاريخية حديثة يمكنهم من خلالها استلهام الماضي، وإسقاطه على الحاضر والتنبؤ بالمستقبل، فإننا نحن الليبيين لا عذر لنا ونحن نشهد بآم أعيننا ما جرى ويجري عندهم،" فاعتبرو يا أولي الأبصار".

اللهم اني قد بلغت اللهم فاشهد.....

٢٩ من شهر رمضان ١٤٣٥ هجري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق