Translate

الأربعاء، 30 يوليو 2014

قطر تقتل ليبيا الأحرار بدم بارد


فجأة وبدون مقدّمات أصدرت إمارة قطر أمراً للسيّد محمود شمّام بترك قناة "ليبيا الأحرار"، وأصدرت آوامرها لمن إستلم المهمّة بعده بأن يركن القناة في دياجير الظلام بعد أن كانت شعلة مضيئة تعد مفخرة لكل ليبي وليبيّة.... فكيف حدث كل ذلك في غفلة من الليبيّين الذين شغلتهم تلك الحرب المعلنة على مدينة طرابلس وأهلها من قبل ميليشيات مصراته ومن تعاطف معهم من الميليشيات المؤدلجة عن التفكير ملكات الذوق وجمالات الحياة؟.

كل ليبي وطني مخلص لليبيا وكل ليبيّة وطنية مخلصة لليبيا يتذكّرون قناة ليبيا الأحرار التي أطلّت عليهم من وراء الضباب وغبار المعارك في وقت كان فيه إعلام القذّافي في مقدّمة كتائبه العسكريّة وهو يبحث عن أي إنتصار ماحق على الليبيّين.
أذكر بأنّنا قبل بدء الإنتفاضة في ليبيا وبعيد إنتفاضة إخوتنا في تونس، كنت أمنّي نفسي بثورة في ليبيا على نظام الطاغية القذّافي ولكن كان أكبر ما يخيفنا وقتها ليس هو نظام القذّافي ولا كتائبه المسلّحة ولا لجانه الثوريّة ولا حتى أجهزة أمنه... كان ما يخيفنا بصدق هو "قناة الجزيرة الفضائيّة".
قناة الجزيرة كانت بكامل ثقلها وراء نظام الطاغية القذّافي تدعّمه بكل ما لديها من قدرات إعلاميّة نافذة نظراً لمتانة العلاقة بين نظام الطاغية القذّافي والأسرة الحاكمة في قطر بسبب الصفقات التجاريّة المشبوهة بينهما. كنّا نخاف من الجزيرة، وأذكر أنّني في أحد أيّام ديسمبر الباردة من عام 2010 كنت أتحدّث مع صديق عزيز وموثوق فيه، وقلنا وقتها بأنّنا لو نتمكّن جذب قناة الجزيرة إلى جانبنا فإن إسقاط نظام الطاغية القذّافي سوف يصبح من أيسر ما يمكن. تحسّرنا كثيراً على إنحياز هذه القناة مع ذلك النظام، ولكن لم يكن بأيدينا فعل أي شئ في ذلك المجال لضعف الحيلة وقصر اليد.
في بداية الثورة الشعبية العارمة على نظام الطاغية القذّافي في ليبيا، إنحازت قناة الجزيرة إلى جانبه وأخذت تحارب الثورة عليه وتناصر كتائبه، ولا تأتي إلا بالأخبار التي كانت تحطّم معنويات الثائرين في ليبيا، وظل الأمر كذلك إلى أن إرتكبت لجانه الثورية حماقة فادحة لم تكن تقصدها، لكنّها العقلية الغوغائيّة والتفكير العشوائي الذي كان يعشعش في عقول أفرادها وقوّادها هو ما أفقد نظام القذّافي أقوى سلاح كان هو في أمس الحاجة إليه رغم براعة أجهزة إعلامه في الدعاية والتطبيل والتدليس والتهويل.
خرجت مظاهرات في شوارع طرابلس وهي تهتف "يا جزيرة يا حقيرة...." ومن حينها إنقلبت قناة الجزيرة 180 درجة ضد نظام القذّافي ومن حينها بدأت كتائبه تخسر مواقعها الواحدة تلو الأخرى وخاصّة في مدينة الزنتان وما جاورها.
بعد تغيير قناة الجزيرة مواقفها من نظام القذّافي بدأنا نحلم بقناة ليبية وطنية نسمع صوتها فيبعث في نفوسنا الأمل وكانت المفاجأة السعيدة الكبرى.... "قناة ليبيا الأحرار".
وصلتنا قناة "ليبيا الأحرار" عبر الأثير وتفاءلنا بها خيراً... بل كل الخير. حينها أحسست بأنّنا بالفعل على قاب قوس أو قوسين من الإنتصار الماحق على نظام الطاغية القذّافي.
كانت قناة "ليبيا الأحرار" بالفعل هي صوت الشعب الليبي، وكانت هي معين الحياة وبلسم إستمراريتها ومبعث زخمها ومحفّز قوتها طيلة الأشهر الثمانية المتواصلة في ذلك الصراع الذي بدأ من أجل الحرية وإنتهى كصراع وجود.
إرتبطت قناة ليبيا الأحرار إرتباطاً وثيقاُ بثورة الليبيّين من أجل الحريّة وأصبحت بالفعل جزءاً مهمّا من برامج حياتهم اليوميّة... مثل الطعام والشراب. 

واصلت قناة "ليبيا الأحرار" بإدارة الإعلامي المبدع محمود شمّام الذي إنتقل بها قفزات كبيرة جداً في سلم النجاح والإبداع الإعلامي حتى درجاته العليا، وبالفعل أصبحت قناة "ليبيا الأحرار" تضاهي قناة الجزيرة وقناة العربيّة في الكثير من البرامج وخاصة ذلك البرنامج الرائع بتقديم المذيع القدير محمّد زيدان، الذي كان يشد إهتمام كل الليبيّين والليبيات... برنامج "تغطية خاصّة" وكذلك برنامج "لقاء خاص"، وفي الكثير من برامج قناة "ليبيا الأحرار" السياسيّة الأخرى. خرج علينا كذلك المذيع ومقدّم البرامج الحواريّة المبدع نبيل الحاج، والمذيعة المثقفة الواعية فاتن اللامي، وغيرهم الكثير.

أخذت قناة ليبيا الأحرار تتقدّم رويداً رويداً حتى بلغت من الشهرة ما حسّس قناة الجزيرة منها وأصابتها الغيرة، فأدّى بالأسرة الحاكمة في إمارة قطر لتأمر السيّد محمود شمّام بأن يستقيل وبأمر فوري، وبالفعل ذعن السيّد محمود شمّام للأمر الواقع مفاجئاً بذلك كل الليبيّين والليبيّات ما عدا بكل تأكيد الدكتور على الصلاّبي ومن كان راكباً في عربته. خرج السيّد محمود شمّام من قناة "ليبيا الأحرار" بخفّي حنين، وبشكل مسح كل إنجازاته في هذه القناة.

الأسئلة المطروحة هنا تبدو كثيرة، والإجابة عليها كلّها هي عند الأستاذ محمود شمّام... فهل يتفضّل علينا بالإجابة عليها؟. لماذا حدث ما حدث، ولماذا في هذا التوقيت بالذّات وبينما تشن كل قوى الشر على ليبيا حرباً شعواء تدمّر كل شئ في بلادنا؟. لماذا هي إستقالة السيد محمود شمّام هكذا وبدون مقدّمات؟. لماذا السيّد محمود شمّام خرج مطروداً من "ليبيا الأحرار" ومع كل ذلك إلتزم الصمت ولم يحدثنا بكل صدق وصراحة عمّا حدث بالضبط؟. لماذا قبل الإعلامي القدير محمد زيدان، والإعلامي القدير نبيل الحاج، والإعلامية المبدعة فاتن اللامي... لماذا رضي هؤلاء بالبقاء في قناة لم تعد ملكاً لهم، ولم يعد زميلهم المؤسّس مسئولاً عنها؟. لماذا لم يخرج أولئك الإعلاميّون الذي أحبّهم وقدّرهم الشعب الليبي من تلك القناة معبّرين بذلك عن تعاطفهم مع السيد محمود شمّام من ناحية، ومعبّرين عن إستهجانهم لما حدث لقناة "ليبيا الأحرار"؟. كيف رضي نجوم قناة "ليبيا الأحرار" بالتفرّج على قناتهم التي صنعوها طوبة طوبة وحجرة حجرة... ودار دار.... كيف رضوا بالتفرّج عليها وهي تقطّع إربا إربا من أمام أعينهم وهم لا يحركّون ساكناً ولا يعربون عن غضبهم أو إستنكارهم؟. قناة "ليبيا الأحرار" هي الآن طريحة الفراش ينقص وزنها في كل يوم، تفقد نظارتها ويزداد شحوبها في كل لحظة تمرّ. قناة ليبيا الأحرار متجهة صوب حتفها.... إنّها تشق طريقها سريعاً نحو النهاية البغيضة..... فهل من يرفق بها بأن بنتشلها من بين فكوك المتغّولين بأموال النفط والغاز؟.
قناة "ليبيا الأحرار" هي قناة كل الليبيّين، وعلى الليبين الشرفاء الهبّة لنجدتها. عليكم يا من تعشقون حرية الكلمة بأن تفكّروا في طريقة لإخراج قناة ليبيا الأحرار من سجنها هناك في قطر الشر والمؤامرات والأمجاد الزائفة إلى عالم الحريّة. حوّلوها إلى أسهم ,إشتروا أسهمها فعاسكم تسعفوها... عساكم تنقذوها... عساكم تشترون حرّيتها ومن العبودية تعتقوها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق