Translate

الخميس، 22 أكتوبر 2015

بدون مجاملة..... حديث في الصميم

بعد متابعتي لتصريحات المستشار عقيلة صالح الليلة الماضية على قناة "ليبيا" الفضائيّة توصلت إلى قناعة مفادها بأن السيّد عقيلة صالح هو بالفعل ينتمي إلى فئة لا يمكن الإعتماد عليها لبناء دولة عصريّة أو حديثة في ليبيا. حينما تغمض عينيك وأنت تستمع إليه وهو يتحدّث تحسّ بأنّك تستمع إلى أحد ملوك السعوديّة - والمرحوم عبد الله على وجه الخصوص - أو ربّما أحد أمراء الكويت - والشيخ صباح الأحمد الصباح على وجه الخصوص - من حيث رداءة اللغة وبداوة التحدّث ورجعيّة التفكير وركاكة الأسلوب مع شعف واضح في مقتضيات اللغة من حيث النحو والبلاغة. 

لا أدري لماذا نحن أبتلينا بمثل هؤلاء الغجر ليحكموا بلادنا، ولماذا هو قدر ليبيا هكذا؟. ألا توجد في بلادنا شخصيّات متعلّمة ومتحضّرة وتجيد فن التحدّث على الأقل؟. لماذا نبقى أسرى لعقليات متخلّفة مازالت تعيش بأبجديّات عفى عليها الزمن لقدمها ولغوصها في عمق التاريخ القديم الذي لا يبتعد كثيراً عن ومن أهل الكهوف والبراري النائية التي لا تتواجد فيها مدارس ولا دور علم وتعليم؟.

السيّد عقيلة صالح يعتبر بمثابة "جد" كل الليبيّين والليبيّات، وهو ينتمي إلى فترة العشرينات من القرن الماضي والأجدر به في هذا العمر أن يبقى في بيته ويتعبّد بما إستطاع حتى يستريح من عناء الدنيا ومشاغلها فيترك بذلك المجال لعقول ليبية تتناسب مع الزمن الذي نعيش فيه الآن.

السيّد عقيلة صالح يعرف يقيناً بأنّه لم يحدث أي نوع من الإستفتاء على مقترحات ليون في قاعة مجلس النوّاب ولم يحدث أي توافق من أي نوع بشهادة السيّد المحترم فرج أبو هاشم الناطق الرسمي بإسم مجلس النوّاب، ويعرف يقيناً بأنّه خرج من القاعة غاضباً وترك من ورائه فوضى عارمة وأعضاء برلمان يتسابّون ويتبادلون الشتائم، ويعرف ايضاً بأنّ هناك من توسّل إليه كي يتريّث قليلاً حتى يسيطر على الفوضى العارمة داخل قاعة مجلس النوّاب لكنّه بكل حمق وغلاظة لم يأبه لتوسّلات من طلب منه التريّث من الحريصين على مصلحة البلد. السيّد عقيلة صالح قال في لقاء الليلة البارحة كلاماً كلّه ترهات ومضيعة للوقت، خاصّة حينما قال بأن أعضاء البرلمان توافقوا برفع الآيادي على رفض مقترحات ليون وهو يعرف بأنّهم لم يتوافقوا ولا هم يحزنون..... فلماذا التدليس على الشعب الليبي؟.

السيّد عقيلة صالح كذلك أصرّ في لقاء الليلة الماضية على أنّه يفكّر بعقلية الخمسينات ويعيش أجواء ما قبل عام 1963. كرّر السيد عقيلة صالح "برقة" عشرات المرّات وهو ربّما لا يفهم بأنّ هذه الكلمة تحديداً تعني الفيدرالية وتعني الدعوة الخفية لتقسيم ليبيا، كذلك فإنّه تحدّث كثيراً عن الأقاليم الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزّان) وكأنّه لا يعرف بأن نوّاب الشعب الليبي كانوا قد صوّتوا في عام 1963 بالإجماع لإلغاء النظام الفيدرالي في ليبيا وإحلال محلّة نظام الدولة الموحّدة وهي "ليبيا" بلد كل الليبيّين والليبيّات بدون إستثناء وبدون إقصاء وبدون محاباة أو طغيان منطقة على البقية. السيّد عقيلة صالح يعرف يقيناً بأنّ قرار مجلس النوّاب كان قد تم إعتماده من قبل حاكم ليبيا حينها الملك إدريس السنوسي وبذلك أصبح أمراً واقعاً منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، بما يعني ذلك من إلغاء نظام الأقاليم الثلاثة وإلى الأبد، فليبيا ليست تاريخيّا مكتوباً عليها بأن تكون ثلاثة مناطق وكفى. ليبيا كانت عبر التاريخ خمسة قبائل (الليبو والتمحو والتحنو والناسميون والمشواش) فلماذا تحوّلت ليبيا بقدرة قادر إلى "معروفة تاريخيّاً" بأقاليمها الثلاثة؟. هل لآن ذلك يخدم الغرض وهو السعي من إجل إعادة النظام الفيدرالي لليبيا بدون مشاورة أو إستفتاء الشعب الليبي؟.

يكفينا يا سادة هذا التدليس على الشعب الليبي، ومن يرغب منكم في فرض النظام القيدرالي علينا بدون إذننا أو مشاورتنا أو أخذ رأينا فليعلم بأن ذلك سوف لن يحدث على الإطلاق، وسوف لن يتواجد هناك من يفرض على الشعب الليبي نظاماً لا يرضى عنه ولو كان ذلك متخفيّاً وراء آساليب المراوغة والكذب والتدجيل.

ليبيا سوف لن تعود فيدرالية من جديد، وسوف لن تحكها الأسرة السنوسية من جديد، وسوف لن يفرض على شعبها النظام الملكي مهما حاول الفيدراليّون والإنفصاليون ومهما إستماتوا في المحاولة. إن المحاولات المستميتة لإحياء برجه (برقة) وفرضها في كل أبجديات الحديث بدل الشرق والغرب الليبي سوف لن يتقبّلها أهالي المناطق الغربيّة ولا الجنوبيّة، وكلّما أصرّ بعض من آهالي المناطق الشرقيّة على محاولات ترسيخ الفكر الفيدرالي في ليبيا كلّما إبتعدت المناطق الليبيّة عن بعضها وكلّما إزدادت العداوات بين أهلها وساكنيها ممّا سوف يؤدّي إلى الإنفصال الحتمي بين برقة وغرب وجنوب ليبيا كما حدث في السودان.

إن الذين يحلمون بإنفصال ليبيا من باب أن أهل برقة هم من حرّر ليبيا وبأنّهم هم من يرفع مشعل الحريّة وبأن أهالي المناطق الغربية صامتون وسلبيّون وعاجزون عن الثورة كما يحدث الآن في برقة وقبائلها... أقول لأمثال هؤلاء، لا تفرحوا بإنفصال برقة عن بقية ليبيا؛ فقسماً سوف يصبح مصير برقة مثل مصير جنوب السودان..... خلافات وصراعات وإقتتالات وعنف وفوضى بين القبائل المختلفة التي تتكوّن منها برقة، في حين سوف تتكامل المناطق الغربية والجنوبية مع بعض وتتمكّن من العبور إلى الأمام كما حدث في شمال السودان وأحسن من ذلك بكثير لوجود عقول نيّرة وعقليات متفتّحة وغير قبلية متعصّبة في المناطق الغربية والجنوبيّة. ألم يقل أهل الشمال في السودان بأنّهم إستراحوا من مشاكل الجنوب ولم ينعم قسمهم الشمالي بالأمن والسلام إلّا بعد أن إنفصل جنوب السوان عنهم. فجنوب السودان كان قد إنفصل عن بقية السودان بتخلّفه وبقبائله المتصارعة والتي بقيت متصارعة حتى يومنا هذا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق