Translate

الثلاثاء، 2 مايو 2017

بعد فوات الآوان إلتقى المنتصر مع الخسران

تقول الأنباء الواردة من دولة الإمارات العربيّة المتحدة هذا المساء بأن المشير خليفة حفتر وافق أخيراً لملاقات السيّد فايز السرّاج بوساطة إماراتيّة ومباركة أمميّة. والمعروف بأن الكثير من المحاولات كانت قد جرت في السابق للجمع بين الرجلين لكنها كلّها باءت بالفشل وإنتهت كل تلك المحاولات بالمزيد من التعنّت والتمادي من كلا الطرفين كلّ في طريقه التي كان قد رسمها لنفسه أو كانت قد رسمت له.
بالنسبة للسيّد فائز السرّاج، نحن نعرف بأنّه كان قد تم تعيينه في منصب رئيس المجلس الرئاسي بهدف تنفيذ كل مخطّطات أوروبا والتي يمكن تلخيصها في عبارة واحدة مفادها: "لابدّ من الحد من الهجرة الأفريقية إلى اوروبا وبأي ثمن"، والسيّد السرّاج وللأسف رضى بالقيام بتلك المهمّة وبأي ثمن أيضاً.
ظن السيّد السرّاج بأن قوّته سوف تأتيه من أوروبا ومن أمريكا، وبذلك فقد ضرب بعرض الحائط معطيات الواقع الليبي، وترفّع بكل غرور عن كل المحاولات التي بذلتها بعض الأطراف الليبيّة الصادقة والمخلصة بهدف لم الشمل والتنسيق بين الليبيّين لتحويل "إتفاق الصخيرات" إلى دعم للقضيّة الليبيّة من أجل القضاء على المليشيات وسيطرتها، ومن أجل الحد من طغيان الجماعات الدينيّة التي جيّرت الدين من أجل تحقيق أهدافها القبيحة والتي تصب في مجملها في مشروع إلغاء الدولة والتأسيس لسلطة "الولاية والمبايعة" التي تستمدّ قوّتها من سلطان ونفوذ رجل الدين في هيئة "المفتي" ومن يقف وراء المفتي من أولئك الذين مازالوا يعيشون بعقلية الماضي التي تجاوزها الزمن وبرحتها البشريّة من خلال طبيعة الأشياء ومشيئة الله التي خلقت البشر كي يبدعو ويطوّروا وينتقلوا إلى الأمام.
المهم أن السيّد فايز السرّاج بعد كل تلك محاولات الهروب إلى الأمام وصل أخيراً إلى واجهة "الباب المسدود" ولم يجد أمامه من منفذ غير العودة إلى الوطن والتعاون مع رجال الوطن كمحاولة مستميته وأخيرة للإحتفاظ بكرسي الرئاسة بعد أن عرف الآن بأنّه سوف يكون هو الخاسر الأكبر من عملية إعادة فتح "ملف الصخيرات" بما يعني ذلك من تغييرات جوهرية في جوقة الحكّام التي أفرزتها إتفاقات الصخيرات.
في المقابل نجد أن المشير خليفة حفتر كان قد تشبّث بالخط الوطني وواصل مساعيه من أجل تحرير ليبيا من طوابير "الهمج" الذين تحالفوا من أجل سرقة ليبيا والعبث بكل ثروات ومدخّرات الشعب الليبي. تشبّث المشير خليفة حفتر بالخط الوطني وسار فيه بما أملاه عليه ضميره وبما مكّنته منه مهنته كعسكري محترف كان قد أقسم بالله على أن يحافظ على ليبيا وأن يصون ترابها.
إنتصر المشير خليفة حفتر وأبان لكل العالم بأنّه هو الوحيد الذي يمكن الوثوق به والإعتماد عليه لإعادة بناء الجيش الليبي ومن ثم تحرير ليبيا من الطغاة الجدد الذين إستولوا عليها بمجرّد إنتصار ثورة 17 فبراير 2011. إنتصر المشير خليفة حفتر لآنّه لم يعتمد على الغير لتحقيق النصر، وإنتصر لأنّه لم يخرج من ليبيا ولم يستنجد بغير أبناء وطنه رغم كل الصعوبات ورغم كل العراقيل... ورغم كيد أبناء وطنه له في وقت كان هو فيه في أشدّ الحاجة لدعمهم وعونهم.
والنتيجة... أن السيّد السرّاج بسبب طمعه وشراهته للسلطة كان قد خسر كل شئ، والمشير خليفة حفتر بسبب حبّه لوطنه وإخلاصه لمهنته كان قد كسب كل شئ ممّا أقنع السيّد السرّاج بأن الوسيلة الوحيدة التي بها وعن طريقها قد يحتفظ بكرسي الرئاسة سوف تكون عن طريق الرضاء بالأمر الواقع والإقتناع بأن أمله الوحيد لتحقيق ذلك سوف لن يكون الأمم المتحدة ولن يكون إيطاليا ولن يكون أمريكا... وإنّما المشير خليفة حفتر والجيش الليبي الحقيقي الذي بدأ الآن بكل قوة يتكوّن ويتجذّر ويترسّخ.
وفي نهاية المطاف أنا شخصيّاً أرى بأن خضوع السيّد فايز السرّاج للأمر الواقع وقبوله للحقيقة الماثلة على الأرض الليبية الآن سوف لن يصب إلّا في المصلحة الليبيّة إحتساباً للمعادلة الوطنيّة الصلبة والتي تقول بأن ليبيا هي فوق الأفراد وفوق الأشخاص، وبأن ليبيا هي لأهلها وسوف تبقى لأهلها، وكذلك بأن الشعب هو دائماً المنتصر في نهاية كل معمعة وفي نهاية كل مطاف.
أنا شخصيّاً أرى بأن إجتماع المشير خليفة حفتر مع السيّد فايز السرّاج هو لمصلحة ليبيا، وبأن هذه المحاولة الجادة من دولة الإمارات مشكورة سوف تكون نتائجها طيبة ومفيدة لصالح الشعب الليبي لأنّها في أقل النتائج سوف تمنع حدوث الحروب والمشاحنات بين أبناء الجيش الواحد، وقد تفتح الطريق نحو توحيد الجيش الليبي في شرق البلاد وفي غربها وفي جنوبها كذلك. أنا أرى بأن إلتقاء المشير خليفة حفتر مع السيّد فايز السرّاج بكل حيثياته ومآخذه سوف يقرّب ذلك اليوم الذي يعاد فيه توحيد ليبيا والبدء في مشروع بنائها كدولة عصريّة ومتمدّنة ومتحضّرة.
أنا أرى بأن إلتقاء الرجلين هذا اليوم سوف يحيي الأمل في قلوب الليبيّين الغيارى على وطنهم، وسوف يعيد الإبتسامة إلى شفاه أطفالنا الذين تعذّبوا وتشرّدوا وحرموا من آساسيّات الحياة لذنب لم يتقترفوه ولفساد لم يكونوا هم من ساهم فيه.
فلنفتح باب التفاؤل من جديد، ولننظر من الآن فصاعداً إلى ذلك الضياء الذي يكمن في نهاية النفق المظلم . . . . تصبحون على ألف خير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق